كثيرة هي المؤشرات الايجابيّة، والايحاءات والوعود التي حملتها زيارة الوزير محمد جواد ظريف من طهران الى بيروت. ومن كبار المسؤولين الإيرانيين الى كبار المسؤولين في لبنان.
والى جميع اللبنانيين.
وانطلاقاً من التشديد على الاستقرار والأمن بلوغاً لقضية القضايا المتمثّلة بالاستحقاق الرئاسي. وبوضوح، وكلام مباشر لا يعني فئة لبنانية واحدة بل الجميع.
من هنا قول القائلين إن الزيارة بحدّ ذاتها حدثٌ كبير، يحمل رموزاً يمكن حلّ ألغازها لاحقاً. يكفي أنها تمّت بمعظم دورتها وأبعادها في اليوم الذي بدأت فيه “قوّات” الجنرال ميشال عون الانتشار و”التمركز” في بعض المراكز الاستراتيجيّة.
طبعاً، هذا ليس كل الزيارة، وكل ما حملته من بشائر الى الشعب اللبناني الشديد التوق الى مَن يبشّره بأن الحرب العالمية الثالثة المقتصرة على العالم العربي باتت في نهاياتها.
والى هذه البشرى “تلويحة” فضفاضة من فم الوزير الظريف، يُفهم منها أن الفراغ الرئاسي في لبنان لم يعد نذراً أبدياً. فالكلام الدقيق جداً الذي صدر عن ظريف في السرايا وعين التينة وعَبْر القريبين من “القريبين” يفيض بالتفاؤل. والوعود.
بل يكاد يقول نيابة عن الوزير الإيراني، الذي أدهش كبار أميركا وأوروبا، أن “الحلول اللبنانية” لم تعد حلماً أو حصرماً رأيته في حلب.
وتعمُّد الزائر حامل البشائر الاعلان عن دعم الحكومة والاستقرار والأمن والحوار، بفقرة لا لبس فيها ولا غموض: “نحن نثمّن الدور الكبير الذي لعبه شخص دولة رئيس مجلس الوزراء في لبنان تمام سلام لتوفير الأمن، ومكافحة التطرّف والإرهاب، ولخلق وإيجاد التعاون بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين”.
وليس هذا فحسب، بل إنه كان حريصاً بدقة متناهية على تأكيد تشجيع طهران “الحوارات القائمة بهدف الوصول الى اتفاق على رئاسة الجمهورية. إن أصدقاء لبنان مستعدّون للمساعدة ولن يتأخروا”.
هنا بالذات، بالتحديد، بيت القصيد وبيت الداء، وبيت الفراغ الذي يأكل كالهمّ من صحون اللبنانيين في الوقعات الثلاث.
واذا كانت التصريحات العلنية لظريف قد تضمَّنت هذا القدر من المصارحات و”المطارحات”، فمن البديهي أن تكون المحادثات خلف الأَبواب المغلقة، وتلك التي جرت ليلاً وخلف “الأسوار”، قد حملت قدراً كبيراً من البشائر والتفاهمات والوعود التي لا ينطبق عليها مَثَل عَ الوعد يا كمّون. أو هذا ما يتمناه اللبنانيون.
عندما يتطرَّق وزير خارجية إيران في محادثاته الى الاستقرار، والأمن، والحوار والتطرّف، والاستحقاق الرئاسي، يترتَّب على بعضهم أن يسمع جيّداً، ويتفهّم جيّداً.
لكن المَثَل يقول سوء الظن من حسن الفطن، والحذر واجب الى أن يزمِّر بُنَيِّنا…