IMLebanon

جولة خارجية لعكر تشمل دمشق: هل بدأ الانفتاح على سوريا؟

 

لطالما تهرّبت حكومة الرئيس حسان دياب، عندما كانت «شغّالة» وفي مرحلة تصريف الأعمال، من اتخاذ قرار بتفعيل العلاقات مع سوريا، خوفاً كالعادة من البعبع الأميركي. وقد جاء «قانون قيصر» لفرض العقوبات على سوريا «شحمة على فطيرة» الحكومة «قيصر» للاستمرار في حال «القطيعة»، باعتبار أن «أي تعامل مع الحكومة السورية، تجارياً ومالياً واقتصادياً، تعتبره الإدارة الأميركية دعماً للحكومة السورية، ويعرّض الأفراد والشركات اللبنانية والقطاع المصرفي للعقوبات». رغم أن دولاً كثيرة تنجح في الحصول على استثناءات من القوانين الأميركية كما هي، مثلاً، حال العراق الذي حاز استثناء الحصول على الغاز والكهرباء والمشتقات النفطية من إيران.

 

تهرّب الحكومة الحالية يأتي استمراراً لسياسات اعتمدتها الحكومات المتعاقبة منذ 2011 بمقاطعة سوريا، في ظل اقتناع كثيرين ممن انقلبوا على دمشق بعد 2005 بأن هناك فرصة للانتقام من النظام السوري. ورغم أن هذه السياسة كانت جلداً للذات أكثر منها ضغطاً، ومع بدء انعطافة عربية وغربية تجاه دمشق، لا يزال بعض من في لبنان مستمّراً بسياسة التهوّر، غير مكترث بثقل الأزمة، ومدى انعكاس هذه السياسة سلباً على البلاد.

صحيح أن زيارات عديدة لوزراء لبنانيين إلى دمشق سُجّلت في الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أنها كانت أقرب الى مبادرات «فردية»، لا رسمية، لتسوية ملفات مرتبطة بالوزارات التي يشغلها هؤلاء، وانحصرت بوزراء محسوبين على الفريق السياسي الحليف لسوريا، وبغضّ طرف حكومي. غيرَ أن هذا الأمر لم يعُد مقبولاً من قبل دمشق التي تُصرّ على أن يكون التعامل معها من دولة إلى دولة (وهذا هو الأمر الطبيعي)، علماً أنها لم تقفِل أبوابها يوماً واستجابت دائماً للتنسيق (غير الرسمي)، ولبّت طلبات مساعدة (آخرها تقديم 75 طناً من الأوكسجين بعد أزمة انقطاعه أخيراً). إلا أن الطلب السوري بالتعامل الرسمي لم يتوقّف منذ عام 2017، وقد عادَ هذا الملف ليتحرّك في الأيام الماضية. وعلمت «الأخبار» أن وزراء في حكومة دياب بدأوا بمناقشته، مطالبين بالحصول على تكليف رسمي لزيارة دمشق والبحث في عدد من الملفات، من بينها «رسوم النقل التي فرضتها سوريا على الشاحنات وسيارات النقل». ومن بين هؤلاء وزير الصناعة عماد حب الله الذي أكد أن «النقاش فُتِح، وأنا واحد من الوزراء الذين يطالبون بالتواصل الرسمي وأدعو إلى ذلك، وأشدد على أن أي زيارة لي الى دمشق يجب أن تكون بتكليف رسمي من رئيس الحكومة». وأكد حب الله لـ«الأخبار» أن «التعاون يجب أن يحصل على مستوى الدولة، وهناك كثير من الملفات تنتظر التباحث فيها، من بينها البحث في خفض رسوم الترانزيت المرتفعة، لما في ذلك من مصلحة للمصدرين اللبنانيين».

 

ماذا عن رأي رئيس الحكومة؟

يؤكد حب الله: «لا أظن أن هناك رفضاً من رئيس الحكومة، وهناك بحث في الأمر»، بينما كشفت مصادر مطلعة أن «مرجعيات سياسية فاتحت الرئيس دياب قبلَ أيام، وأكد أنه لا يمانِع في المبدأ»، وأنه «يجري العمل حالياً على اختيار الوزراء بحسب الملفات العالقة وتحديد موعد الزيارات». كذلك، أكدت مصادر رئيس الحكومة أن «الأخير لا يُمانِع، وأن الوزراء لا يحتاجون الى تكليف رسمي، فهم حصلوا على موافقة شفهية، كما حصل مع وزير الصحة حمد حسن إبان أزمة الأوكسجين، وقبله وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفيه الذي زار دمشق للبحث في ملف النازحين». وقالت المصادر إن «هناك عدداً كبيراً من الملفات بيننا وبين سوريا يجِب أن يحل، من بينها ملف الترانزيت، وملف ترسيم الحدود البحرية شمالاً الذي يجري العمل عليه»، مستغربة المطالبة بـ«تعاون رسمي على مستوى الدولتين، لأن هذا هو ما يحصل حالياً».

ومعلوم أن الرئيس ميشال عون عبّر أمام مرجعيات رسمية، بعد انتخابه، عن نيته الانفتاح مباشرة على سوريا، علماً بأن التواصل بينه وبين الرئيس بشار الأسد لم ينقطع يوماً. وهو كان في صدد إرسال مبعوث شخصي له الى دمشق، وكان يدرس تكليف الوزير السابق جبران باسيل بهذه المهمة بصفته وزيراً للخارجية. والأخير أعلن صراحة، في 13 تشرين الأول 2019، أنه ينوي زيارة دمشق، لكن حراك 17 تشرين الأول طيّر الحكومة والزيارة. وبعد تشكيل حكومة حسان دياب، لم يبد وزير الخارجية ناصيف حتي حماسة للزيارة، إلى أن خلفه شربل وهبي أبلغ مسؤولين في قصر بسترس أنه يستعد للقيام بزيارة رسمية لدمشق.

 

فاتحت مرجعيات سياسية دياب في ملف التعاون الرسمي مع دمشق فأكد عدم ممانعته

 

 

ورغم استقالة وهبي، لا يزال المشروع قائماً. وعلمت «الأخبار» أن وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر فوتحت بالأمر، وأبدت استعدادها للقيام بالزيارة من ضمن جولة على عدد من العواصم العربية والأجنبية. وسيكون البند الرئيسي على جدول أعمال جولة عكر ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم. وهي أثارت الأمر في اجتماعها أول من أمس مع نائب رئيس الاتحاد، الممثل الاعلى للشؤون الخارجية جوزف بوريل، ولمست «مناخات أكثر إيجابية من السابق، لجهة أهمية مساعدة أوروبا في توفير المساعدة للعائلات السورية للعودة الى دمشق، علماً بأن عكر أكدت في كلمتها في الاجتماع الوزاري العربي في قطر الأسبوع الماضي ضرورة عودة سوريا الى الجامعة العربية.