IMLebanon

“المرده” ينزح عن الإجماع المسيحي… حتى في النزوح

 

نجحت أغلبية القوى المسيحية الأساسية وبكركي في وضع ملف النزوح السوري على طاولة المعالجة الجدية. وإذا كانت علامات الشكّ تدور حول هبة المليار يورو الأوروبية، إلا أنّ بعض القرارات، خصوصاً في ما يتعلّق بالإقامات أتت لتمنح بعض الإرتياح في الشارع. وتترافق هذه القرارات الرسمية وتتوالى بعد محاولة البلديات الدخول على خطّ الأزمة، لكن العبرة تبقى في التنفيذ.

رسم مؤتمر البترون للنزوح استراتيجية جديدة للبلديات ولكيفية التعامل مع الأمور الوجودية. فبلدياً كانت مقرّراته خريطة طريق لتحرّك بقية الأقضية بهيئاتها المحلية والإدارية لضبط النزوح وفق القوانين بعد تأمين الغطاء السياسي المطلوب، أما على الأرض، فيبقى إنتظار كيف ستتعامل الأجهزة الأمنية مع القرارات التي صدرت وستصدر سواء من وزارة الداخلية أو الأمن العام أو البلديات.

وترحّب بكركي بأي عمل مشترك على الأرض، خصوصاً في الملفات الوجودية التي تطال الكيان، وإذا كان المؤتمر البتروني أدى إلى بارقة أمل للتخلّص من خطر النزوح في القضاء، إلا أنّ تيار «المرده»، وكما بدا من تصريحات «كوادره» يبدي انزعاجه من أي تحرّك في هذا الشأن، أو ليس على الموجة ذاتها مع نبض الشارع.

قاطع «المرده» لجنة بكركي التي تبحث في شؤون وجودية وكيانية، ولم يُلاقِ القوى المسيحية إلى منتصف الطريق لحلّ أزمة النزوح السوري أو أقلّه الإتفاق على معالجة هذا الخطر. وهناك شكاوى من مسؤولين محسوبين على «المرده» يحاولون عرقلة أي قرار يتخذ لضبط النزوح في أي بلدة شمالية.

من جهة ثانية، وبعد تحرّك قضاء البترون لوضع خريطة طريق لحل مسألة النزوح، ومثله يحاول قضاء الكورة التحرّك، وبعدما نجح قضاء بشري في ضبط الفلتان السوري، يبقى قضاء زغرتا يُغرّد خارج سرب ما تشهده أقضية الشمال المسيحي، حتى أنّ بعض العائلات السورية التي تغادر بلدات البترون تتوجّه إلى زغرتا من دون حسيب أو رقيب.

لا يمكن تحميل «تيار المرده» وحده المسؤولية عما يحصل في زغرتا، لأن هناك قوى أخرى من جميع الاتجاهات تقع على عاتقها المسؤولية، لذلك يمكن القول إنّ القيادات الزغرتاوية مطالبة بالتحرك على الأرض لمواجهة الخطر القادم من النزوح. وتشير الأرقام إلى تخطي عدد النازحين السوريين في قضاء زغرتا الـ65 ألف نازح، وهذا رقم مخيف في قضاء كان أول من تصدّى للإنفلاش الفلسطيني وقدّم فاتورة دمّ غالية من أجل منع تحويل لبنان إلى وطن بديل للفلسطينيين.

في مدينة زغرتا وبلداتها نقمة كبيرة على الإنفلاش السوري غير المسبوق، وإذا كان «تيار المرده» لا يتحمّل وحده المسؤولية، إلا أنّ المسؤولية الأولى تقع على كاهله، وذلك بسبب إمساكه ببلدية زغرتا المدينة التي هي أكبر تجمّع للزغرتاويين، وفيها أكبر بؤرة للوجود السوري، وهو كذلك يُهيمن على العدد الأكبر من بلديات قرى القضاء ويسيطر على إتحاد البلديات، وبالتالي تعتبر البلديات المحرّك الأساسي لإتخاذ إجراءات للجم النزوح.

وإذا حصل توافق قواتي- عوني للجهود في زغرتا مثلما حصل في البترون، ودخلت على خطّ الإتفاق حركة «الإستقلال» والنائب ميشال الدويهي، فذلك سيشكّل رافعة معنوية، لكن إذا لم يمنح «المرده» الضوء الأخضر للبلديات لكي تتحرّك فهذا يعني أن لا شيء سيتغير على الأرض.

يؤكّد رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية دائماً أنه إذا انتخب رئيساً للجمهورية يستطيع حلّ أزمة النزوح السوري بالتواصل مع الرئيس السوري بشّار الأسد، وبالتالي يدخل «المرده» هذا الملف في الحسابات الرئاسية والسياسية، متغاضياً عن الخطر الوجودي الحاصل، في حين لن يلاقي بقية الأفرقاء المسيحيين الذين لم يؤيدوه رئيساً، ويعلم أنّ النظام السوري لا يريد عودتهم، وبالتالي لن يقدم على خطوة تغضب الأسد وتساهم في تراجع حظوظه الرئاسية.