IMLebanon

زغرتا.. المقاوِمة

تسطع شهادة إهدن بحضور شهدائها الذين ازدادوا توهجاً مع كل عام يمضي، ليشهدوا للحق وليكونوا علماً يهدي، وتأكيداً لمؤكد طالما آمنوا به وعملوا بمبادئه.

إن شهداء مجزرة إهدن بزعامتهم الزغرتاوية الحكيمة انحازوا بوعي فطري تام إلى حقائق الجغرافيا والسياسة والتاريخ وأدركوا بما لا يقبل الجدل أن الكيان الصهيوني الغاصب هو النقيض الفعلي لوجودهم ولصيغتهم ولعيشهم المشترك، وبالتالي، لم يرضوا بأي مساومة على انتمائهم وخياراتهم. رفضوا أن يكونوا بيدقاً وألعوبة في يد من يخطط لتفتيت لبنان، لذا، لم يكن مستغرباً أن يكون الانقضاض عليهم في تلك اللحظة من أدوات داخلية تشربت المنهج الصهيوني وعملت على نهجه بلا هوادة، وإذا كانت الأدوات الرخيصة تطلب مجداً زائلاً، فإن ما أراده مشغلوها أبعد من ذلك بكثير، لقد أرادوا إسقاط زغرتا ومنطقتها وما تمثل من عائق أساسي في وجه تفكيك لبنان وتحويله إلى جزر تستقوي بعضها على بعض بالطغاة الصهاينة.

لقد أرادوا من خلال الهجوم على منطقة زغرتا إسقاط كل الآخرين وجر المسيحيين إلى خانة الاستسلام للأمر الواقع، لكن زغرتا بدماء شهدائها استطاعت أن تواجه وأن تساهم في الحفاظ على وحدة لبنان وعمقه الطبيعي.

بكل إباء وقناعة، تحملت زغرتا جرحها ولم تتراجع قيد أنملة. لم تساوم على خياراتها بل ازدادت تشبثاً وثباتاً بمبادئها. حافظت على روح المقاومة لديها. لم ترض أن تنقل السلاح من كتف إلى كتف. قاومت كل الصعاب والشدائد. عاشت كل المحن في الوطن. لكنها باطمئنان كلي وبرضى تام سلكت درب الوحدة الوطنية والعيش المشترك. حافظت على وفائها لدماء شهدائها ورددت مع كل ذكرى المجازر لا تغير قناعة الرجال الرجال ودماء الشهداء «حراس المبادئ».

وكما لم تثن مجزرة حولا ومجازر العدو الصهيوني، الجنوبيين عن مبادئهم ومقاومتهم ولم ترهبهم بل زادتهم إصراراً، وصولاً إلى هزيمته وإخراجه، فإن زغرتا قاومته على طريقتها في المقلب الآخر من الحدود وانتصرت بدماء شهدائها على العدو نفسه وعلى أدواته التي انتحلت يوما ما صفة الوطنية، فألف تحية لشهداء مجزرة إهدن شهادة ومقاومة. وكما أسقطنا معاً المشروع الصهيوني، سنسقط المشروع التكفيري وننتصر مجدداً.

(&) عضو المجلس السياسي في «حزب الله»