Site icon IMLebanon

“مرتَّب ونعنوع”

 

 

لا يُعرَف أين كان وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود يستمع إلى كلمة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه، غروب الأحد 11 حزيران، لمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لمجزرة إهدن، في منزل والديه في جعيتا، أو في «صومعته» فوق منزله في بعبدا، أو ربما في مكتبه في شارع «مونو»، اللصيق بالجامعة اليسوعية حيث درس وحيث يعلِّم، وربّما كان على سفر لمتابعة أعماله من ضمن مكتب المحاماة خاصته.

 

زياد بارود يعمل، ويعيش من عمله، لأنه لا يعيش من السياسة، هو من وزراء الداخلية القلائل الذين خرجوا من الوزارة إلى مكتب المحاماة حيث «الشغل مكدَّس». لم تُثرِه الوزارة، كما أثرت غيره ممّن مرّوا عليها قبله وبعده: لا أرقام سيارات مميزة يوزّعها و»يبيعها» مدير مكتب أو مستشار أو المرافق، ولا تمديد مهل إدارية لمخالفات، و»كلّو بحقّو»، لم يقل إنّه في «عهده في الوزارة، لن يبقى أحد من أبناء جعيتا (مسقط رأسه)، من دون رقم سيارة مميّز». خرج من الوزارة، كما دخل، متأبِّطاً ملفات، وعاد إلى مكتب المحاماة «يعمل ليعيش».

 

هذه الشخصية يطلِق عليها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه صفة «مرتَّب ونعنوع».

 

زياد بارود، سواء في الانتخابات النيابية، وفي تشكيل الحكومات، وصولاً إلى انتخابات الرئاسة، رشَّحه أكثر من حزب وتيار وفريق، في الانتخابات النيابية فاوضه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ليكون على لائحة «التيار» في كسروان، كما فاوضه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ليكون على لائحة «القوات»، شرطه أن يكون مستقلاً، حرمه من أن يدخل «جنة اللوائح»، وأخطأت قوى التغيير في عدم حثّه على تشكيل «لائحة الثورة»، لأنّها لو فعلت لكان زياد بارود اليوم نائباً. في تشكيل الحكومات، جرى طرح اسمه ليحمل إحدى الحقائب السيادية.

 

هل تنجح «الطوباوية» في السياسة؟ سؤال مطروحٌ على «المرتّب والنعنوع» زياد بارود. في لبنان، سياسيون كثر تنطبق عليهم هاتان الصفتان، فأين هم اليوم؟ الذين وصلوا منهم هُم قلة، والمشكلة أنّ وصولهم لم يشكِّل استمرارية لسلوكهم وأدائهم وممارساتهم: أين إرث الرؤساء فؤاد شهاب والياس سركيس وسليم الحصّ ووزير الصحة إميل البيطار وحاكم مصرف لبنان إدمون نعيم، وكثر غيرهم لا يتّسع المجال لذكرهم جميعاً؟

 

فؤاد شهاب استقال وعاد عن الاستقالة، ليحدِث صدمة. الياس سركيس مات قهراً، سليم الحصّ لم يعد يعرف من نزاهة الإدارة أي شيء، أين متمرّدو وزراء الصحة من الوزير المتمرد إميل بيطار الذي وقف وحيداً في وجه مافيات الأدوية؟

 

الأداء «المرتَّب» في لبنان ينهزم أمام «الدولة العميقة»، وهذه الدولة العميقة موجودة في السياسية والإدارة وفي كل مفاصل الدولة، أو ما تبقّى من الدولة وهذه الدولة العميقة لا تكتفي بما تقوم به، بل تعيِّر»المرتَّبين» وتتهكّم عليهم!