إجتهاد اللاقرار للمجلس الدستوري لا يصحّ في الطعن بالإنتخابات ونتائجها
عشية إنطلاق المرحلة الأخيرة من العملية الإنتخابية الموعودة غداً الأحد، وبعد الكلام العالي السقف من أكثر من جهة أو فريق سياسي عن تعريضها للطعن والكلام عن الصرف الإنتخابي والرشاوى وغيرها من العناوين التي ربما تكون في سياق الحملات الإنتخابية، هناك عدد من الأسئلة حول تأثير هذه المواقف على نتائج الإنتخابات، وهل يمكن تقديم طعن بنائب محدد في دائرة محددة فقط أم يمكن الطعن بكل العملية الإنتخابية؟ وهل يؤدي الطعن إلى تعليق النتيجة بمجرد تقديمه أو بقبوله لدى المجلس الدستوري أم بصدور القرار؟ وهل يمكن ان يكررالمجلس الدستوري تجربة اللاقرار في الطعن بنتائج الإنتخابات؟
ربما مواد قانون إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي واجتهاداته السابقة تجيب على غالبية هذه الأسئلة ولكن مسألة اللاقرار تبقى ربما بحاجة إلى اجتهاد جديد لأن النص سيد الموقف.
نظم قانون إنشاء المجلس ونظامه الداخلي الأصول والاجراءات والقواعد التي ترعى عمله في الطعون الإنتخابية النيابية، وبموجب المادة 24 من قانون إنشاء المجلس الدستوري، معطوفة على المادة 46 من نظامه الداخلي، يوجه الطعن بصحة نيابة نائب منتخب إلى رئاسة المجلس الدستوري بموجب طلب يسجل في قلم المجلس وفقاً للمادة 25 من قانون إنشائه.
وقد حصر المشترع حق الطعن بالمرشح الخاسر شرط أن يكون من الدائرة الإنتخابية عينها ومرشحاً عن المقعد النيابي نفسه (أي عن مقعد الطائفة نفسها في حال وجود أكثر من مقعد واحد لطائفة ما في الدائرة).
وعلى المرشح الخاسر أن يقدم الطعن الى رئاسة المجلس الدستوري في مهلة أقصاها 30 يوماً تلي تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب أصولا في دائرة المرشح الخاسر تحت طائلة ردّ الطلب شكلاً، ولا يقبل المجلس الدستوري المذكرات التوضيحية أو تبادل اللوائح كما هي الحال أمام المحاكم، فالمجلس الدستوري يبلغ المطعون بنيابته بالمراجعة، وعليه أن يرد على هذه المراجعة في مهلة أقصاها 15 يوماً ومن ثم يباشر المقرر بإجراء التحقيقات اللازمة لوضع تقريره في الطعن ورفعه إلى رئيس المجلس الدستوري.
لقد رسم المجلس الدستوري من خلال قرارات عديدة واجتهاد مستمر أطر الصلاحيات المناطة به في الطعون الإنتخابية، وحصر إختصاصه بالنزاع القائم بين المرشح الخاسر ومنافسه النائب الفائز المطعون في صحة إنتخابه.
وأكّد خصوصية المراجعة وثنائيتها بين الطاعن والمطعون في صحة نيابته، وعدم النظر في صحة العملية الإنتخابية برمّتها بل حصر النتيجة بين أفرقاء النزاع دون سواهم، وبالتالي، فان إبطال نيابة ما بنتيجة الطعن المقدم من المنافس الخاسر لا يمتد بمفاعيله إلى إبطال إنتخاب نائب آخر حتى ولو كان هذا الإنتخاب مشوباً بالمخالفات عينها.
وأقر المجلس الدستوري من خلال إجتهادات عديدة مبدأ عدم إختصاصه للنظر في الأعمال التمهيدية للإنتخابات، إلا في حال كانت الأخطاء والمخالفات المشكو منها مقصودة بنتيجة أعمال تزوير أو غش ومن شأنها التأثير على نزاهة الإنتخابات.
وفي السياق ، يرى الوزير السابق والخبير الدستوري المحامي زياد بارود أن «الطعن وفقا لما حدده القانون يكون أمام المجلس الدستوري ويتقدم به صاحب الصفة والمصلحة، أي المرشح الخاسر».
ويقول بارود لـ»نداء الوطن»: «يمكن تقديم شكوى أمام النيابة العامة الإستئنافية إذا كان هناك ما يكفي من أدلة ووقائع دون إنتظارالنتائج والطعن أمام المجلس الدستوري».
ويؤكد بارود أن «كل الكلام المعلن حول مخالفات لا يمكن الإعتداد به ما لم يقترن بإثباتات وتقارير حتى لو كانت من جمعيات مراقبة الإنتخابات كما حصل مثلا في العام 1996 عندما استدعى القاضي سليم العازار حينها كمقرر في أحد الطعون جمعية مراقبة الانتخابات (لادي) واستمع إلى ما ورد في تقريرها الذي اعتمد عليه الطاعن».
ويلفت بارود إلى أن»المخالفة يمكن أن تؤثرعلى اللائحة ككل وليس فقط على المطعون به وعندها يمكن إعادة العملية الإنتخابية في الدائرة ككل وليس فقط في مقعد».
وللتذكير فإن المادة 47 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري نصت على التالي: «فور ورود الطعن، يعين رئيس المجلس الدستوري مقرراً أو أكثر عند الإقتضاء، من بين الأعضاء، لوضع تقرير في القضية». ويتوجب على المقرر رفع تقريره خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر وفق المادة 29 التي تقول: «على العضو المقرر أن يضع تقريره خلال مهلة ثلاثة أشهرعلى الأكثر من تكليفه ويحيله إلى رئاسة المجلس الدستوري».
وتتفق المادة 30 من قانون إنشاء المجلس الدستوري والمادة 49 من النظام الداخلي للمجلس لناحية تحديد مهلة شهر للمجلس الدستوري كي يصدر قراره بعد ورود التقرير المذكور.
ويقتضي التوقف عند نص المادة 30 التي تقول إن المجلس يجتمع «بعد ورود تقرير المقرر … فوراً ويتذاكر في الإعتراض موضوع التقرير وتبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار على ألا تتعدى مهلة إصدار هذا القرار الشهر الواحد».
وتؤكد المادة 49 من النظام الداخلي للمجلس على الأمر نفسه، ما يعني في التفسير والإجتهاد أن المطلوب هو صدور قرار بالطعن ولا مجال هنا لفتوى أو إجتهاد اللاقرار الذي سبق وأصدره المجلس في دستورية قانون الإنتخاب وتعديلاته.