يستكمل بعض النواب متابعة الملفات التي تشكّل مزاريب هدر وفساد في الدولة، والتي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه إقتصادياً ومالياً، في ظل تغطية سياسية للعصابات التي تنهب الدولة.
بعد فتح ملف الطاقة وتوجه النائب طوني حبشي إلى القضاء، ها هو النائب زياد الحوّاط يضرب من جديد في ملف التهريب عبر الحدود والمعابر غير الشرعية والذي يُكبّد الخزينة خسائر كبيرة، ويستنزف ما تبقّى من دولارات في مصرف لبنان.
يعلم الجميع ومنذ فترة ما بعد الإستقلال أن الحدود اللبنانية – السورية غير مضبوطة، لكن الفرق بين الحاضر والماضي، أن كل دولار يخسره لبنان حالياً سيؤدّي حتماً إلى مزيد من الانهيار في المالية العامة في ظلّ شحّ الدولار وتهديد الشعب بالمجاعة القادمة.
وشكّلت إثارة الحوّاط لموضوع التهريب أخيراً نقطة تحوّل في هذا الملف، إذ إنها فضحت الكثير من الأمور والتي كانت مُخبأة عن الشعب اللبناني، وأسقطت “ورقة التين” عن قوى الأمر الواقع التي تحمي عصابات التهريب، لا بل تستفيد هي من هذه العملية من أجل تحقيق أرباح وتمويل مالية هذه القوى التي بدأت تجفّ بفضل مسلسل العقوبات الأميركيّة.
لا يمكن بعد اليوم السكوت عما يحصل على الحدود، وهذا رأي عدد كبير من المسؤولين، لكنّ الخطوات العملية التي قام بها الحواط فتحت المجال واسعاً أمام تحريك الملف، فبعد إثارته للموضوع، خرج الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وتحدّث عن التهريب رابطاً هذا الأمر بالتنسيق مع النظام السوري في محاولة ابتزاز واضحة، من ثمّ إجتمع المجلس الأعلى للدفاع لمناقشة سبل ضبط الحدود، وتلاه صعود عدد كبير من المسؤولين إلى المنابر والتحدّث عن أهمية ضبط الحدود، وكأن هذا الملف أثير من جديد، في حين أن رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل تناوله في مؤتمره الصحافي الأخير وكأنه خارج السلطة او كأنه لا يملك حصّة الأسد في الحكومات المتعاقبة، أو كأن العماد ميشال عون ليس هو رئيس الجمهورية.
وبعد أن عمل الحوّاط على تجميع الأدلة والبراهين، تقدّم بالأمس بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية حول التهريب والمعابر غير الشرعية، وتضمن الملف وثائق ومستندات حول عمليات التهريب على اختلافها عبر الحدود اللبنانية-السورية.
هذه الخطوة أثارت إرتياحاً بأن هذا الملف المهمّ جداً لن يلقى مصير سابقاته من الملفات الحساسة بل سيتابع إلى النهاية، في وقت يؤكّد الحواط في حديث لـ”نداء الوطن” أن المستندات والوثائق التي قدمها تفضح عمليات سرقة الدولة ومافيات التهريب، وعلى القضاء التحرّك جدياً لأن مثل هكذا عمل هو جريمة بحقّ الشعب اللبناني.
ويتحدّث الحواط عن أرقام خيالية تخسرها الدولة جرّاء عمليات التهريب، ويشير إلى أن خسائر الخزينة من عمليات تهريب المازوت المدعوم تصل إلى 500 مليون سنويّاً، وهذا الرقم مخيف في بلد يبحث عن دولارات لتمويل استيراده، في حين أن شبكات التهريب تجني أرباحاً خيالية من عملها.
ويلفت الحواط إلى أن بعض المسؤولين يتغاضون عن عمليات التهريب، ففاتورة لبنان المتعلّقة باستيراد المازوت قد ارتفعت بنسبة كبيرة هذا العام عن العام الماضي، والمفارقة أن هناك إقفالاً للبلد وحالة تعبئة عامة ومعظم المؤسسات لا تعمل، وبالتالي فإن ما تبقّى من دولارات يذهب من أجل التهريب إلى سوريا.
ولا يصدّق الحواط أن قوى الأمر الواقع في السلسلة الشرقية والمتمثلة بـ”حزب الله” بريئة من التهريب، إذ يعتبر أنها إما مستفيدة مباشرةً أو بطريقة غير مباشرة، أو إنها تغض الطرف لمصالح خاصة، في حين تخرج بعض القوى المشاركة في الحكومة للقول إن الجيش غير قادر على ضبط الحدود فيما الحقيقة أن الجيش أكثر من قادر إذا سُمح له وأُعطي القرار السياسي.
وأمام كل ما يحصل، بات القضاء على علم بهذه الفضيحة، وينتظر منه الجميع تحرّكاً، لكن الخوف أن تتم لفلفة الموضوع لأن رؤوساً كبيرة متورّطة في هذه العملية، في ظل تأكيد الحواط على متابعته الملف للوصول إلى خواتيمه السعيدة.