مخططات الصهيونية الشريرة تعود الى 200 سنة، وطبعا قبلها كانت موجودة، لكن تم تنظيمها صهيونيا منذ 200 سنة، اما في الفترة الاخيرة فلا بد من استعراضها خاصة بعد حرب 1973 التي شنت فيها مصر وسوريا حرباً على اسرائيل لاستعادة الاراضي المحتلة في الجولان وسيناء، وحقق الجيش المصري نجاحاً وانتصارا في عبور قناة السويس لكن الرئيس انور السادات امر الجيش المصري بالوقوف عند ممرات مكلا، تحت حجة ان الجيش المصري محاصر عبر الدفريسوار كان يقوده ارييل شارون.
اما الجيش السوري فاقتحم جبال الجولان وتوصل الى سهل الحولا فأقامت اميركا جسرا جويا من المانيا الى اسرائيل لمدها بكل انواع الاسلحة لصد الهجوم السوري، خاصة ان القتال على الجبهة المصرية توقف. واعلنت اميركا الاستنفار النووي، اكراما للصهيونية الاسرائيلية كي تتوقف سوريا عن الحرب.
وقامت أميركا عبر الشحنات العسكرية بمدّ الجيش الاسرائيلي واحتلال مزيد من الاراضي، وذلك بفعل الدعم الاميركي الكبير وتوقف الرئيس السادات عن الحرب.
اثر ذلك رأت الصهيونية ان الخطر يجب الغاؤه بفصل الجبهة الغربية عن الجبهة الشرقية، فكان كامب دايفيد وكان اتفاق مصر واسرائيل على تسوية جاءت بالسادات الى القدس المحتلة وتم توقيع اتفاق كامب دايفيد واقامة علاقات ديبلوماسية بين مصر واسرائيل وكل انواع التطبيع.
اما بالنسبة الى سوريا، فرفض الرئيس الراحل حافظ الاسد اي اتفاق تسوية مع اسرائيل يؤدّي الى التطبيع او القبول بالتنازل عن شبر من الجولان، خاصة تلة الحمّى التي اعتبرتها اسرائيل، وفق الخريطة البريطانية انها جزء من فلسطين المحتلة، وبالتالي لا تنسحب اسرائيل منها.
بعد انهاء الجبهة الغربية، قررت اسرائيل تدمير الجبهة الشرقية، ونحن نتكلم عن احداث تاريخية ولكن مضطرون ان نختصر لانه مقال افتتاحي وليس دراسة، فهاجمت لبنان سنة 1982 واحرقت عاصمته بيروت، والزمت الثورة الفلسطينية بالخروج من لبنان.
وفي سنة 2003، جهّزت اسرائيل لحرب اميركية ضد العراق، ذلك ان اسرائيل غير قادرة على اسقاط الرئيس صدام حسين وتقسيم العراق، فكان ان قام اللوبي الصهيوني في أميركا بدفع الرئيس المجنون جورج بوش والمتآمر الى الحرب على العراق، من دون سبب الا سبب وهمي وجود اسلحة دمار شامل، وتبين لاحقا انها غير موجودة. وتم تدمير العراق وهو العمق الاستراتيجي الجغرافي والبشري للجبهة الشرقية.
وها نحن نشهد ان العراق بات مقسما وضحية الارهاب ويعيش فسادا رهيباً وخلافات مذهبية وكل ذلك بسبب الاحتلال الاميركي المدفوع من الصهيونية الدولية لان اميركا قادرة على اسقاط الرئيس صدام حسين واحتلال العراق بينما اسرائيل لا تستطيع ان تفعل ذلك وليس عندها القدرة. وهكذا انهت الصهيونية العالمية العراق وازاحته من خريطة الجبهة الشرقية، وغرق في مشاكله وازماته.
وبعد حرب 2006، وهزيمة اسرائيل رأت الصهيونية العالمية ان النظام السوري هو الذي كان ممراً ومزوّداً للاسلحة والصواريخ لحزب الله، فقررت اسقاطه عبر مؤامرة قامت بتحضيرها واطلقتها في سوريا. ولعل النظام السوري قام بأخطاء، لكنه ليس مسؤولا عن المؤامرة التي حصلت ضد سوريا، والتي تريد الفصل بين سوريا والجبهة الشرقية وتدمير سوريا تمهيدا لضرب حزب الله ومنع السلاح عنه، والغاء قوته الرادعة.
وهكذا منذ سنة 2011، حتى سنة 2016، جرت حرب في سوريا وقام الارهاب بتخريب سوريا واصبحت سوريا دولة عاجزة عن القتال ضد اسرائيل قبل 20 سنة و30 سنة. وخسرت سوريا عناصر بشرية بمئات الألوف وهجرة الملايين، وتقسّمت مناطق نفوذ لتنظيمات ارهابية وللنظام، لكن التنظيمات الارهابية حازت على اراض سيطرت عليها اكثر من سيطرة النظام على اراض ضمن الجمهورية العربية السورية. وبالتالي، نجحت اسرائيل في مؤامرتها على سوريا، ولولا تدخل حزب الله وقتاله الى جانب الجيش العربي السوري، ودخول ايران داعمة لسوريا، ومؤخرا في ايلول دخول الطيران الروسي لدعم النظام لكان النظام سقط امام هجوم الارهابيين المدعومين من تركيا والسعودية وقطر بعشرات الالاف وتقديم اسلحة اميركية متطورة لهم ظهرت في معركة ادلب وجسر الشغور، لان تركيا قررت التدخل مباشرة عبر الارهابيين لاسقاط النظام السوري.
وهكذا توقف الانحدار وبدأ الجيش العربي السوري مع حلفائه باسترداد مناطق من الارهابيين والتكفيريين والسيطرة على الوضع، وفشل المخطط الصهيوني في قطع الخط بين سوريا وحزب الله.
ولا نعرف ماذا سيحصل في المفاوضات بين وفد النظام ووفد المعارضة، لكننا بتنا مرتاحين لوضع الدولة السورية ونخاف الان من المؤامرة التي ستأتي على حزب الله وكيف تخطط الصهيونية واسرائيل لمؤامرة ضد حزب الله. لكننا واثقون من وعي قيادة حزب الله وايمان المجاهدين فيه، وقدرتهم على القتال والردع وايمانهم بالسيادة الوطنية ومعرفتهم بالخطر الصهيوني وخبرتهم في القتال ضد العدو الاسرائيلي، وشجاعتهم المتفوقة على شجاعة الجندي الاسرائيلي. لكن ذلك لا يلغي قلقنا من مخطط صهيوني يريد تدمير الجبهة الشرقية كلها. فالعراق خرج من هذه الجبهة، وسوريا خرجت من هذه الجبهة باستثناء انها ممر داعم لحزب الله بالاسلحة، اما حزب الله فما زال قوياً وواعياً للامور وعليه ان يحافظ على الساحة اللبنانية وعلى استقرارها، وعليه ان يدرس كل الاحتمالات لانه اصبح القوة الوحيدة الباقية القادرة على ردع اسرائيل وضربها. واذا كان مخطط الصهيونية طويل الامد للهيمنة على المنطقة كلها مدعوما من اميركا، فان حزب الله هو مشروع المستقبل وامل الجيل الطالع، بأن الصهيونية لن تحكمه ولن تهيمن عليه ولن نتعلم العبرية ولن تجبرنا الصهيونية على تغيير مناهجنا الدراسية، بل حزب الله قادر على ردع اسرائيل باذن الله اكثر من الاول، مع الحذر والحيطة من كل مفاجأة شريرة لدى الصهيونية.