معاناة اللبنانيين مع زحمة السير لا تنتهي خصوصاً أنها تجاوزت العاصمة لتشمل مختلف المناطق، وتصبح من يوميات المواطن، نهاراً ومساءً، فهي لا تعرف وقتاً ولا تعرف طقساً أو حتى ظرفاً معيّناً.
يستغرق المشوار من نهر الكلب إلى جعيتا 10 دقائق في الأوضاع الطبيعية ولكن في ظل زحمة السير قد يستغرق نحو الساعة. تبدأ الرحلة من نفق نهر الكلب، لتصل إلى طريق يسوع الملك، مروراً بواجهة مدينة الملاهي وصولاً إلى مستديرة جعيتا. هذه الرحلة القصيرة المسافة والسهلة نسبياً، قد تكلّف السائق ساعة وأكثر من التعب والإرهاق.
عُرف اللبناني بذكائه، لذا يحاول الهرب من الزحمة عبر طرقات بديلة، لكنّ هذه الحيلة لا تنجح معه دائماً، إذ يرى نفسه محاصراً بين مئات السيارات. وفي ظل التشاؤم الناتج عن هذا الموضوع، أبصر طريق زوق مصبح وجعيتا النور، بعدما قرّرت بلديتا جعيتا وزوق مصبح بدء العمل والبحث عن حلول لهذه المشكلة، عندما وجدتا أنهما أمام حائط مسدود، فباشرتا بدرس المشاريع وتنظيمها لضبط هذه المسألة.
من جملة هذه المشاريع، تعمل بلدية جعيتا على توسيع مدخل البلدة، وذلك وفق استملاك أحد المحال، إضافة إلى إعادة تصميم المستديرة بعد إعداد خطة طويلة الأمد. أما من ناحية أخرى، فتعمل على إنشاء نفق يستقلّه السائق المغادر جعيتا، ويربط وسط البلدة بالطريق العام، ويتألف من خطين في اتجاه واحد، وتبلغ كلفته نحو المليارين والنصف مليار دولار أميركي ويحتاج إلى سنة ونصف السنة لكي يجهز.
وفي السياق، يوضح رئيس بلدية جعيتا وليد بارود لـ«الجمهورية»، «أننا حصلنا على موافقة وزارة الأشغال لإنشاء النفق، وذلك على نفقة الوزارة، ويتم العمل على فضّ العروض تمهيداً لإختيار أحدها وفق ما تراه الوزارة مناسباً». ويأمل بارود «أن يبدأ بتنفيذ المشروع ووضع الحجر الأوّل قبل بداية فصل الشتاء»، مضيفاً: «أما في الوقت الحالي فتعمل شرطة البلدية التي تتألف من ثلاثة أشخاص، على تنظيم السير وتطلب من أصحاب المحال إلتزام المواقف وعدم ركن السيارات على الطريق العام».
أما في زوق مصبح فلا يختلف الوضع كثيراً، إذ تعمل البلدية أيضاً على إنشاء طريق جانبية من يسوع الملك، تضمّ نفقاً لتستطيع السيارات العبور منه، وذلك بعد استملاك نحو الـ16000 م2 من الأراضي التابعة للرهبنة المريمية على طريق يسوع الملك، حيث يصل النفق الى مدخل جعيتا، ما يساعد على حلّ أزمة السير فعلياً. لكنّ الأمر أصبح الآن في يد مجلس الانماء والاعمار للموافقة على المشروع المطروح منذ نحو خمس سنوات من دون أيّ تجاوب حتى اليوم، رغم ارتباطه بمشروع نفق جعيتا، فيكملان بعضهما.
إعادة تنظيم الطرقات الداخلية
ويقول رئيس بلدية زوق مصبح عبدو الحاج لـ«الجمهورية» إنّ المنطقة أصبحت تعجّ بالسكان، وتنتشر في أحد شوارعها الأساسية، عند يسوع الملك، نحو الـ300 مؤسسة ومتجر، وفي حال تمّ إعتماد توسيع الطريق فلن يكون حلاً شاملاً بل موقتاً، فالحل الأنسب هو من خلال إنشاء طريق مواز للطريق الأساسي».
ومن جهة أخرى، تعمل البلدية على حلول ومبادرات سريعة للحدّ من هذه الأزمة وذلك من خلال إعادة تنظيم الطرق الداخلية في زوق مصبح وأدونيس وإعتماد وجهة سير واحدة بدل اثنتين. وكحلٍّ آخر تلجأ البلدية إلى تنظيم تقاطع الطرق وذلك بالتعاون مع القوى الأمنية، واعتماد الإنعطاف بدلها، بالإضافة إلى منع الالتفاف عند مدخل جامعة سيدة اللويزة من جهة أدونيس عند المستديرة وتحويل السير الى المستديرة قرب مدخل دير اللويزة.
ويلفت الحاج إلى أنّ «الاستملاك عند مدخل المدينة الصناعية لتوسيع المدخل قد أنجز، ويتمّ الآن درس دفتر الشروط وقد ينتهي قبل بداية فصل الشتاء، وبالتالي يبدأ تنفيذ المشروع مع بداية فصل الربيع، لإنشاء مستديرة وتوسيع الطريق عند المدخل».
تتنوّع أسباب زحمة السير في المنطقة، تبدأ بارتفاع عدد السكان ولا تنتهي بزيادة عدد السيارات، لذا تعمل البلديات قدر المستطاع على إتمام واجبها من توسيع طرق وتنظيمها وذلك للحدّ من الزحمة في كلّ الأوقات والفصول. وعلى رغم طول الإنتظار ونفاذ صبر الناس، بات الأمل قريباً.