كان صعودها سريعا لكن سقوطها كان مريعا. لم يكن مقدرا لـ”عاصفة الحزم” الاستمرار، بعد تخاذل باكستان وتراجع تركيا وإحجام مصر. لم يكن مقدرا للحملة على اليمن أن يكتب لها النجاح، والمايسترو الأميركي يكتفي بالتفرج على السعودية تنزلق نحو المأزق، في وقت يمد يده لايران لتثبيت مكانتها التي لم تفقدها رغم سياسات الحصار والاحتواء والعقوبات المفروضة عليها منذ 36 عاما.
العاصفة انتهت، لكن الهدوء لم يعقبها، بل المزيد من الانقسام والشقاق في العالمين العربي والاسلامي. السعودية تقول انها انتصرت، و”أنصار الله” يقولون إنها انكسرت. تماما مثلما حصل في لبنان، بعد عدوان تموز. أعداء “حزب الله” وخصومه في الداخل، قالوا إنه خسر، واسرائيل أقرت له بالانتصار. لكن النتيجة كانت سياسية بامتياز، من القرار 1701 في لبنان إلى القرار 2216 في اليمن. حرب على الأرض، وتسوية تحت الطاولة، وتحديدا تحت مظلة الاتفاق النووي، الذي سينتج تسوية طال انتظارها في المنطقة الموزعة بين حقول القتل وأنهار الدماء، ودعاة الفتنة وحملة السكاكين.
وفي الداخل، يحاولون إلهاء اللبنانيين باليمن وسوريا وكل حروب المنطقة، بينما المافيا صنع في لبنان، تجني الملايين من قانون السير الجديد، وتوزيع النفايات وفق فيدرالية المناطق، وطمر الحوض الرابع مراضاة لبعض الطوائف، واجراء التعيينات مراعاة لبعضها الآخر.
في هذا الوقت، يتحضر تكتل “التغيير والاصلاح”، لنقل المواجهة في موضوع التعيينات إلى مستويات تتلاءم مع طبيعة نتائج الاتصالات في الأسابيع القليلة المقبلة، ومقاطعة جلسات تشريع الضرورة حلقة في سلسلة.
ويسعى سعد الحريري لسد الثغر والفجوات داخل بيت “المستقبل”، بعد الحملات الممنهجة على نهاد المشنوق، على خلفية مقتل الارهابي اسامة منصور، وقمع شغب الاسلاميين في رومية، ما دفع بأبو العبد كبارة اليوم، إلى رمي القفازات في وجه تيار “المستقبل”، قائلا: أنا قبلكم في طرابلس ولست بحاجة لكم.
لكن بعيدا من لبنان، وفي المملكة العالية النيبال، زلزال يوقع آلاف الضحايا والجرحى.