Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم االسبت في 24/5/2014

من الفراغ أتى وإلى الفراغ يَعود.. ميشال سليمان القادمُ من العسكر إلى القصر.. خدَم عسكريتَه السياسية ولم يجلِسْ ناطورَ مفاتيح على القصر المهجور.. لم تأخذْه ريحُ السلطة فقرّر الرحيل دستورياً ليُسجّلَ له في دفاترِ الرؤساء أنه لم “يَعْص”َ على كرسيّ ولم يقاتلْ حتى التمديد. وسلّم عهدَه للمجهول كما تسلّمه من المجهول قبل ست سنوات. وفي احتفالٍ غايةٍ في الدقة والتنظيم. ترك الجنرال قصراً سكنَه توافقياً وغادره بجدلٍ مع فريقٍ في الوطن تاركاً في أرجائه بضعَ وصايا. تستعجلُ تعديلاتٍ دُستورية تتصل بالمُهَل والنصاب وحلِ مجلس النواب. ووقّع استباقاً مرسومَ دعوةِ مجلس النواب إلى عقدٍ استثنائي للبحث في قانونٍ عصريٍّ لقانونِ الانتخاب. وبعد الخِطاب وفي ضوءِ النهار نفّذ ميشال سليمان ما وعد به وانتقل إلى اليرزة. على أن تَحتفيَ عميشت به غداً رجلاً اعتَمد الخِيارَ الديمقراطي في تداول السلطة… وصايا الرئيس ستكونُ للحِفظ السياسي لا للصَون لأنّ مَن لم ينفذْها بالأمس لن يفعلَ غداً. فالفراغُ لم يولدْ من فراغ.. بل إن له مافيا تتحكّم بمسارِه وتتبادلُ مصالحَه. كان للفراغ عرّابُه السوريُّ على امتدادِ ثلاثينَ عاماً.. وكانَ السياسيون أصحابَ غِبطةٍ يتدلّلون.. من قانونِ الستين إلى قانونِ غازي كنعان مكرر.. واليوم فإنّ فوضاه تَعُمُّ من دون ناظمٍ ثابت.. تتدافعُه قوىً خارجيةٌ وتهدّدُ بفرضِ شروطها.. والحلُّ الوحيدُ للخروج من دوامته سيكونُ بإعادةِ تكوينِ الدولة عَبر قانونِ انتخابٍ نسبيٍّ يَخلُطُ الموازين. وما خلا ذلك فإنَّ قُوى التوازنِ الإقليميِّ والدَّوليّ هي مَن سيَحكُم.. وسنبقى نواجهُ الأزْمةَ عينَها مع نهاية كلِّ عهد.. حيث الماروني يَنسى الوطنَ والسيادةَ والاستقلال ولا يرى من كلِّ هذه الثوابت إلا كرسيَّ القصر. وللعهود تجارِبُها.. حيث كان المسيحيون ينتابُهم الظنُّ بأنهم محبطون في السابق لكونِ قادتِهم ومرجِعياتهم الكبيرة قضَت سنيَّها بينَ المنفى والسِّجن.. وأنّ قوتَهم التدميريةَ سياسياً غُيّبت عن ساحة القرار.. لكنّ الواقعَ يقول إنه في غيابِ الزعماءِ الموارنة كان البلدُ قادراً على الانتخاب.. من رينية معوض إلى إلياس الهراوي فإميل لحود.. لكنْ عندما عجّل الله فرجَهم وقعنا في أولِ فراغٍ لثمانية أشهر قبل انتخابِ ميشال سليمان.. وها نحن اليومَ نسجّل الفراغَ الثانيَ في جمهورية الطائف. فبين تهديدِ ريتشارد مورفي: مخايل الضاهر أو الفوضى عامَ ثمانيةٍ وثمانين.. اختاروا الفوضى. واليومَ انحازوا إلى الفوضى اثنين التي تَحمِلُ عنوانَ الفراغ. فمَن يتشتري الإحباطَ الآن؟ ومَن يستجلبُه لنفسِه؟ وهل النّقزةُ النيابيةُ التي هبّت على النواب مساءً ستَمحو خمولَ الأيام؟. ما بُنيَ على فراغٍ فهو فارغ.. ولن يظهرَ النواب في رُبعِ الساعةِ الأخير على صورةِ البطلِ الذي يُسحرُ رئيساً من خاتَمٍ ابتلعَه الحوت.. وعلى الرئاسةِ السلام. سلامُنا لا يبدو مباركاً.. على نقيضِ خطى البابا فرنسيس الذي بارك أرضاً عربيةً وعلا “جسراً خشبياً.. يسبحُ فوقَ النهرِ”.. وبصمتٍ وصفاء انطلق الأردّنُ يزرع في الأَوداءِ موسِمَه القُدسيَ. بدأت الزيارةُ بدَعَواتِ السلام لسوريا.. وتستكمل غداً إلى أرض أول مَن هجّره السلام.