في لحظة من التاريخ النووي الدقيق مع إيران تحول الكونغرس الأميركي إلى كنيست وفقد السيطرة على الأيادي التي اندفعت إلى التصفيق لبنيامين نتنياهو في خطابه المخصب بالعدائية. عشرات النواب الديمقراطيين قاطعوا لكن الجمهوريين كانوا أوفياء للعهد اليهودي ولعنصرية الرئيس القادم من شرق مضطرب ووقوفا استمعوا إلى خطاب كان يقاطع بالتصفيق عند كل عبارة ولو أنهم اطلعوا على تجربة الدول العربية ومجلس الشعب الذي يؤبد الرئيس لصاحوا وسط الكونغرس بهتاف واحد للزعيم الخالد. في مضمون الخطاب لا شيء سوى إيران والاتفاق النووي مع أميركا الذي بدا أنه يمشي على جثة نتنياهو، هو وصف الاتفاق بالسيئ ولعب على المشاعر الأميركية اليهودية مستحضرا النبي موسى مستعينا بالأرواح وخطرها مخوفا النواب الأميركيين من عماد مغنية البطل الغائب الذي عده أخطر من أسامة بن لادن. لكن الجزء الآخر من أميركا كان قد سبق نتنياهو وسلاحه الخطابي وقطع مسافات في الاتفاق النووي مع إيران لا بل أبعد من ذلك فقد أصبحت أميركا على تفاهم عسكري مع طهران في العراق وسوريا نتنياهو يصرخ في الكونغرس وكيري يخصب مع ظريف في مونترو السويسرية فيما قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني يشرف على معارك تكريت بتأشيرة أميركية. وللمرة الأولى تعلن طهران وصول قائدها العسكري الأول إلى العراق لتحرير المدن من سيطرة داعش فهل تسمح ستون دولة منضوية تحت لواء التحالف بعبور سليماني من تحت أشعتها البنفسجية وأسراب طائراتها في فضاء العراق ما لم يكن هناك من تنسيق على الأرض؟ في لغة العسكر فإن الأرض تتحالف مع السماء وعندما تتقدم الجيوش على الارض تغطيها الطائرات ما يؤشر إلى وجود قيادة تنسيق مشتركة عسكرية أميركية إيرانية لمتابعة المجريات العملانية فمئتا كيلومتر مربع لم تتحرر من أيدي داعش بلا هذه القيادة حيث فيلق القدس يتابع من طهران وفيلق واشنطن من غرفة البيت الابيض والتنسيق شامل: شيعي سني أكراد وشرطة إتحادية حشد شعبي وجيش عراقي تحالف غربي وحلف إيراني وكله توحد من أجل تكريت ولاحقا بقية المدن التي تسيطر عليها الدولة الاسلامية وتحت شمس العالم جاءت مشاركة قاسم سليماني في هذه الحرب الوجودية فإيران تقول نحن هنا والباقي تفصيل تماما كما شارك حزب الله في حرب درعا حيث لم تعد معاركه تدار في الخفاء لأنها حرب إنقاذ كل الجيوش تتحالف لدرء الإرهاب فيما نحن يحدنا الارهاب شرقا وشمالا وبجزء من الجنوب ونترفع عن التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لأننا أصحاب سيادة واستقلال.