سيكونُ وليد بيك جنبلاط وحدَهُ المصدوم الذي لن يجدَ الكلماتِ المناسبةَ للتعبيرِ عن الغضبِ او الاحتقارِ لمواقفِ جون كيري أما بقيةُ أنحاءِ زعماءِ العالم فلا تتملكُها الصدمةُ وهم يفتشونَ عن العباراتِ المناسبةِ للترحيبِ بما أدلى به رئيسُ الدبلوماسيةِ الاميركيةِ عن ضرورةِ التفاوضِ مع الرئيسِ السوري بشار الاسد
فكيري نفسُهُ أعلنَ أن أميركا ودولاً أخرى تبحثُ في سبلِ إعادة ِاطلاقِ العمليةِ الدبلوماسيةِ لانهاءِ الصراعِ في سوريا وفي إشارتهِ الى الدولِ الاخرى التي لم يُسمِّها سيكونُ وزير خارجية اميركا قد شَمَلَ الاوروبيينَ وروسيا وربما العرب
فعلامَ الاستغرابُ والدهشةُ على الوجوه وأميركا لم توفر جهداً تحتض الطاولةِ الا ودبَّرتهُ لبقاءِ النظام على قيد الحكم كانت الولايات المتحدة تدلي بتصريح وتمارسُ نقيضَه وتُشبهُ الى حدٍّ كبيرٍ خِطاباتِ الرئيس سعد الحريري عن إيران وحزب الله في وقتٍ يختلي المستقبلُ بالحزبِ في غرف عين التينة ويُقدِّمُ خِطاباً مختلفاً فعلى وليد بيك أن يُنزِلَ الحِملَ عن كتفيهِ وهو القائلُ إننا نَضيعُ في لعبة الامم وعلى سعد الحريري ان يبحث عن مطارٍ آخرَ بعدما تعذَّرَ سقوطُ مطارِ دمشق وليُمعِنِ الجميعُ في مواقفِ جون كيري التي حملت رسائلَ رباعية
أولا أنه اشرك الدولَ معه في المسعى نحو التفاوض مع الاسد
ثانياً انه ادلى بهذا الكلام وهو في مصرَ الملياريةَ التي أوكلت اليها مَهماتُ المنطقة والحل السياسي في سوريا
ثالثاً أن الحديثَ عن إنهاء الحرب دبلوماسياً هو الترجمةُ الفعليةُ لعدمِ جدية أميركا في تسليحِ المعارضةِ المعتدلة
وقد حارت الولايات المتحدة مَن تُسلح وأيَّ جيشٍ مهترىءٍ تُدرب تبدأ معهم كمعتدلينَ فيتحولونَ في لحظة تدريبٍ الى أرهابيينَ يشكلونَ خطراً عليها تقرر منحهم السلاح ثم تتراجع وتقول إنها ستزودُهم اسلحةً غيرَ فتاكة ولكأنهم سيهزمونَ النظامَ بالالعابِ النارية
والاهم في الرسالةِ الرابعة اعلانُ كيري بالتصريحِ الملآن دعكُم من إسقاطِ الأسد وهيا بنا نُقنعهُ بالتفاوض فلا كانت جنيف ولا المؤتمراتُ غيرُ الفاعلة
وشرد كيري في المقابلة التلفزيونية في مشهد التفاوض مما أنساه تذكير المشاهدين بضرورة ان يحذفوا كل التصريحات الاميركية التي سبقت هذا اللقاء ولاسيما تلك التي كان الاميركيون ينفعلون فيها ويؤكدون على ضرورة سقوط الاسد وانه فقد شرعيته وأصبح مقززاً وعليه الرحيل الى آخر العبارات المفعمة والمدججة بوعود تعتقد معها ان الرئيس السوري ما عاد في قصره الرئاسي وسبقهم الى حزم الحقائب
هذا هو الربيع الاميركي الذي يجعل الاميركيين يَصدمونَ حلفائهم كلما سنحتِ الحاجةُ السياسية وهذا هو ربيعُ مصر التي قطفت المئة مليار ودفعت كيري الى الاعلان عن عودة المساعدات الاقتصادية الاميركية اليها بعد توقفها منذ الاطاحة بمحمد مرسي قبل عامين