الامتحانات الرسميةُ سَقطت صريعةَ الفراغ وكانت أولَ ضحاياه. عُلّقتِ الامتحاناتُ على جلسةِ العاشِرِ مِن حَزِيرانَ التشريعةِ لكنّ الجلسةَ لن تُعقَدَ لأنّ الرئيسَ لن يُنتخب.. ووسْطَ هذه الدوامةِ فإنّ المتضرّرَ الأساسيَّ من الشغورِ وحفَلاتِ التأجيلِ هو التلميذ. لن يشعرَ القادةُ السياسيونَ بأيِّ نقصٍ في عُدةِ النّصب.. ومافيا الحُكم لن تتأثّرَ بالشغورِ وستَبقى ترتكبُ عظائمَ الأمور. فعلى مَن تَقرَعُ إضرابَها هيئةُ التنسيقِ النِّقابية؟. فإذا أُوهمتُم بأنّ الطبقةَ السياسية سوف يُصيبُها أيُّ مكروهٍ بسببِ إضرابِكم تكونونَ على ضلال.. وإذا اعتَقدتُم أنَّ سلسلتَكم سوف تَلتَفُّ على رقابِ أهلِ السياسةِ لتُحرجَهم إن لم تَخنُقْهم فأنتم بالغتُم في تصوّرِكم.. لأنّ قادتَنا من السياسيين لا يشعرونَ بأيِّ حرَج.. لا يَضيرُهم عدمُ صدقِ وعودِهم.. وهمُ اليومَ يَحتفلون بالذكرى الأولى على التمديدِ لمجلِسِهم الموقّرِ الواعدِ بتَكرارِ التجرِبةِ في أيلول. وعليه فإنَّ إضرابَكم وقَعَ على رؤوسِ الطلَبةِ وحدَهم من دونِ الطبقة.. وبه تكونونَ قد أربكتُم تلامذةً سيَحارونَ بصيفِهم ودروسِهم.. ببقائهم وسفرِهم.. بخَلاصِهم من سنةٍ تقعُ على حدِّ الفشلِ أو النجاح… ضغطُ هيئةِ التنسيق لم يكن منسّقاً ليستهدفَ الحُكمَ الهاربَ مِن التزاماتِه فأصابَ قطاعاً لا مسؤوليةَ عليه.. وطلاباً درسوا عاماً كاملاً . وأهملَ نواباً وسياسيين سقَطوا وضُبطوا متلبسين بالفشلِ والرسوبِ ولا تُنقذُهم أيُّ عَلامةِ تحفيز. وغداً امتحانٌ آخر.. إذ يدرُسُ مجلسُ الوزراءِ مادةَ الصلاحياتِ وتقاطعَها بينَ رئيسِ الحكومةِ والوزراءِ المعنيينَ في غيابِ رئيسِ الجُمهورية.. وللخلافِ حلولُه إذا ما تمّتِ المقايضة: جلَساتُ مجلسِ النواب في مقابلِ عدَمِ تعطيلِ سيرِ عملِ الحكومة.. فإذا توصّل الوزراءُ إلى اتفاقٍ يحدّدُ مسارَ الطريقِ إلى انعقادِ جَلَساتِ مجلسِ النوابِ عندئذٍ تُودَعُ الصلاحياتُ لدى رئيسِ الحكومة… سوريا تفتحُ صناديقَ الاقتراعِ غداً على أولِ انتخاباتٍ مِن قلبِ الحرب.. أعلنت دمشقُ الصمتَ الانتخابيَّ تقيّداً بالقوانين لكنّها في المضمونِ كانت متقيدةً بلا مُهلٍ انتخابية. النظامُ ينتخب.. والائتلافُ برئاسةِ الجربا يدعو السوريين إلى ملازمةِ بيوتِهم غداً.. على أن يلازمَ قادةُ المعارضةِ فنادقَهم في مدنِ الحبِّ من اسطنبول إلى باريس. وبين الدمِ على الأرض.. والحبرِ على الأصابع.. نستذكرُ قلماً تغمّسُ بالحالتين معاً.. سمير قصير شهيدَ الثاني من حَزِيران.. صانعَ أولِ الأرز.. وبانيَ صورةِ الثورة قبل تشرذمِها.. قصيراً كان عُمرُه وطويلةُ العمرِ تجرِبتُهَ مع لبنان والعسكر.. مع الكلمةِ التي لا تُشبهُ إلا جرأتَه.