أحبّت عمرَها فعشقتْها الحياة موتُها جميلٌ كأغنية راودها في نومِها واصطحبَها إلى أحلامِ السماء على توقيت لا تنتشرُ فيه الشائعات.
صباح شمسٌ رديفة صنعَها الله ُعلى شكلِ حَنْجرة ونَثرَها على ضِفافِ نيلٍ وشلوحِ أرز قرّرت قبل طلوعِ الصباح وعندَ آخرِ خيوطِ ليلٍ أن تَغيبَ بلا كثيرٍ ضجيج أن تعودَ الى ضيعتِها بدادون حيث أولُ العمرِ وشُجيراتُ الأهل صباح اسمٌ على مُسمَّياتِ الشروق لامرأةٍ عاشقة وغلبانة لحلوة لبنان لشحرورته ومواله الطويل لوطنٍ عاشتْه بانتماءٍ صافٍ لا الوانَ فيه ولا أرقام أسّست لفنٍّ مرتفعِ الهاماتِ ولطريقةِ عَيشٍ بكلِّ ما أُوتيت مِن حياة بنَتْ مملكةً مِن أوف وميجانا من دلَعٍ مرصّعٍ بنغمِ العمر على صوتِها التقاءُ الكبار مِن ضيعةِ عبد الوهاب إلى عسلِ بليغ حمدي وأغواء محمد الموجي وهوى كمال الطويل وشقعة أنغامٍ مستوردةٍ مِن جارِها في الحواري المصرية فريد الاطرش وعلى هذا الصوت ارتفعت أعمدةُ بعلبك في مواسم عز وغزل الأخوين رحباني دواليب الهواء على شعرِها الأشقر ومنه تسللُ فيلون وهبي ” عالعتمية ” هي امراةٌ لم تُضبطْ بأيِّ خِيارٍ سياسيّ ولم تختلِفْ معَ أي موسيقار أو ملحن ماتت دون أن تنكسر أو تكسر أحدا زمنُها عاصفةُ حبٍّ مُشعة لا حقدَ فيها ولا عتَب دائمةُ الضوءِ كانت كبريقِ نورٍ يوزّعُ ما تيسّرَ مِن أمل كلُّ هذا النورِ يَنطفىءُ جسداً ويحيا بالأمس وغداً متخذا ًاسمَ أُسطورة وجبلُ لبنان يُشيّعُ الأحدَ جبلاً من لبنان على زمنِ رحيل شريكِ الصوتِ الصافي وديع من وسط المدينة ترتفع صباح الى وادي شحرور وبدادون والقرى التي عرفتها صغيرة.
مسيرة النظرة الاخيرة تنطلق من بيروت من دون أن تقول صباح هذه المرة ” الو بيروت ” أو ان ترمي بسلامها على كل زاوية من زوايا المدينة على إذاعتها وحدائقها ومنارتها لا هم أن نكسّت الدولةُ أعلامَها أو لم تُعلن يومَ حدادٍ وطنيّ ما دامت الدولةُ منتكسة مبتورةً وممددة ولأنّ الحُكمَ نائمُ كالأموات فمن الأولى بنا أن نعاملَه بصيغة الضمير الغائب ونترُكَ الكلامَ في السياسة ونمنحه اليوم لصباح الأسم الذي يرادف وطناً بسلطة وحكومات.