Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 7/1/2015

 

لبنانُ الأبيضُ رَشَقَ السياسةَ الباردةَ بقِطعٍ جليدية تجمّدت العروقُ في المقارِّ والمدارسِ وفَتحت السرايا أبوابَها لاجتماعِ هيئةِ الكوارث زينة مدّدت إقامتَها وضربت في يومِها الثاني بيدٍ من صقيع وقطعّت أوصالَ القُرى وأخذت بيدِ الثلج واقتادتْه من الجبالِ إلى أولى المرتفعاتِ حيثُ الأبيضُ كادَ يدنو مِن الأبيضِ المتوسّط أما أكثرُ الأخبارِ بياضاً بالنسبةِ إلى الطلابِ فَقد ألزمَهم منازلَهم لليومِ الثاني بقرارٍ مِن وزيرِ التربيةِ الياس بو صعب وزينة جاءت على شكلِ قاتلٍ أيضاً وبوجهٍ أسودَ فرضَ ظلامَه على حقولِ النازحين المنزرعين في غيرِ أرضِهم الريحُ تَعصِفُ بخِيمهم غيرِ المجهّزةِ بسلاسلَ إنسانية والثلوجُ تلاحِقُ عيونَ أطفالِهم فتجمّدُها غابت منظماتُ الإغاثةِ العالميةُ والمحليةُ عنهم وهجَرتْهمُ التصريحاتُ الضاربةُ عُمقاً في التنديد وتُركوا يواجهون عاصفةً مِن بردٍ قارسٍ وهم الخارجونَ مِن نارِ سوريا الدامي بين ثلجٍ ونارٍ تقلّبَ النازحون وغاب منهم مَن غابَ بضربةِ جليد لكنّ إرهابَ زِينة محدودُ الإقامة بخلافِ إرهابٍ اقتَلعَ دولاً عربيةً وباتَ عُقدةَ الدولِ الأوروبية أعنفُه اليومَ استَهدفَ مؤسسةً صِحافيةً في قلبِ باريس وكتَبَ عُنوانَه بيدِه على مجلةِ شارلي إيبدو الساخرة فقَتلَ اثنى عَشَرَ شَخصاً بينَهم أربعةٌ مِن رسامي الكاريكاتور الكبار انتَقم المهاجمونَ للرسولِ باعتبارِ أنّ للمجلةِ سيرةً ذاتيةً في القضايا المتعلقةِ بنشرِ رسومٍ مسيئةٍ إلى الإسلام لكنّ أياً كانت دوافعُ الإرهابيين فإنّ مجلةً فرنسيةً مهدّدةً كانت تفتقدُ إلى عددٍ حراسٍ يُوازي حجمَ الخطَر والحادث لم يَدفَعْ إلى استقالةِ رئيسِ الشرطةِ أو مديرِ الاستخبارات أو وزيرِ الداخلية وهي أجهزةٌ كان يُفترضُ أنها على علمٍ بالخطرِ الذي يهدّدُ المؤسساتِ الفرنسية وبينَها مَن له ماضٍ مِهْنيٌّ معَ الإرهاب وأبعدُ من حمايةٍ داخليةٍ آنية ماذا فعلت فرنسا لمحاربةِ الإرهابِ على مدى سنوات سِوى أنها وزّعت خِبْراتِها الأمنيةَ والاستخباريةَ في المكانِ غيرِ المناسب هي اعتبرت المناضلَ جورج عبدالله إرهابياً وأقفلت عليهِ أبوابَ سِجنِه منذ ثلاثين عاماً ولا تزالُ رافضةً أيَّ قرارٍ يُعيدُ إليه الحرية وهي أولُ مَن تفرّغَ لإنشاءِ المحكمةِ الدَّوليةِ الخاصةِ بلبنان منذ عهدِ الرئيس جاك شيراك إلى اليوم وإذ بالمحكمةِ الوحيدةِ التي أسّسوها لمحاربةِ الإرهاب تنحرفُ عن مسارِها وبعد محاربتِها سوريا وحِزبَ الله تتفرّغُ لمحاكمةِ الإعلام وتمدّدُ ولايتَها كلما فَرَغَت جَعبتُها صَرَفت الدولةُ الأوروبيةُ العريقةُ في الدستور كلَّ جهدِها القانونيِّ والسياسيِّ على المزايدةِ وفاءً مِن علاقةِ جاك برفيق ولم تندفعْ إلى تأسيسِ مشروعِ محكمةٍ يُحاكِمُ القاعدةَ أو الإرهاب بمسمياتِه الجديدة لا بل فتحت باريسَها لمؤتمراتِ تَحوكُ المؤامراتِ على الدول وتستضيفُ النازحينَ السياسيين في فنادقِ الدرجةِ الأولى باعت فرنسا أمنَ فرنسا بصَفَقاتِ أسلحة وظلت على وهمِ أنّ الإرهابَ سيبقى خارجَها فكلُّ الرحمةِ للاثنتي عشْرةَ ضحيةً اليوم مِن مجلةِ تشارلي إيبدو والرحمة تجوزُ على الدولةِ الفرنسيةِ التي تفرّغت لإرهابٍ آخرَ غيرِ الذي ضربَ باريسَها اليوم.