Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الثلاثاء في 29/07/2014

عفوكِ غزة.. أما تَعبتِ من موتك اليومي؟ أما خارت قُواكِ وأنت تُهيلينَ التراب على جثامينِ شهدائك؟ أما جَفَّ جسدُك المفتوحُ على شلالِ دمٍ لم يَنضَبْ منذ واحدٍ وعشرين يوماً بلياليها ونهاراتِها؟ أما صُمَّتْ أذناكِ عن نحيبِ الثكالى وصراخِ أطفالِ المدارس؟ أما تَعبتِ من غبارِ دمارِك وهو يكللُ موجَ بحرك ويغطي سوادَ جديلتيك؟ أما تمنيتِ لو تَحزِمي حقيبتَكِ وتُيمّمي وجهَكِ شطْرَ الرحيل؟ لكنْ مهلاً.. نستغفِرُكِ غزة.. ونطلبُ منكِ عفواً عندَ المقدرة.. نحن نُغطّي عجزَنا برمْيِ السؤالِ عليكِ لأنكِ وحدَكِ تقاومين عن ملايينَ عربيةٍ سَكنها اليأس.. وأنتِ وحدَكِ تقاتلينَ لتعيشي وتُحيي فينا عظامَ صمتِنا وهي رميمُ.. وأنتِ ولا أحدَ إلاكِ تستلّينَ شرفَ الحياة من رَحْمِ قهرِك.. وتدفعينَ دَمَكِ ضريبةً لأمةٍ أصبحتْ بلا دم.. بل لبعضِ حُكامِ أمةٍ يَضخّونَ ذهبَهم الأسودَ ليقتُلكِ عدوُكِ ويجعلَ أطفالَكِ وَقودَ حربِه المسماةِ نِفاقاً حربَ الأنفاق.. ويدّعي أن مقاومتَكِ قتلتْهم.. في حصارِكِ غزة وَضعتِ عدوَكِ في عُنقِ الزجاجة حتى بات يَستجدي حلاً يُخرِجه من متاهتِكِ.. وباتَ حليفُ عدوِكِ يُحذّرُ بلسانِ البنتاغون من أنّ تدميرَ حركةِ حماس سيقودُ إلى تنظيمٍ أكثرَ خطورةً على شكلِ داعش فلسطينية.. وفي محصلةِ صمودِكِ رئيسُ وزراءِ عدوِكِ يطلبُ من رئيسِ الدبلوماسيةِ الأميركية جون كيري ترتيبَ وقفِ إطلاقِ النار وإعادةَ الهدوء.. معطوفاً على معلوماتٍ عن أن طرْحَ الاجتماعِ في القاهرة لا يزالُ قائماً وأنّ الثلاثيةَ الفلسطينية “حماس والجهاد والسلطة” ذاهبون إلى اللقاءِ وفداً موحداً . الليلةَ غزة سيُخيمُ عليكِ ظلامٌ حالكٌ بعد ضربِ شبكةِ الكهرباءِ الوحيدة.. لكنّ أرواحَ شهدائِكِ نجوماً في السماء سيُنيرونَ طريقَ مقاوميك الذين كَبّدوا عدوَكِ عَشَراً من الجنود على طريقِ حريتكِ الموعودة.. ولأنكِ بَوْصلةُ شمسِنا وقمرُ فرحِنا.. ولأنكِ تستلينَ الحياةَ من رَحْمِ الموت.. ولأنكِ علّمتِنا حبَ الحياة.. نستأذِنُكِ الليلة ونُهدي أنفسَنا سلاماً وأغنيةً من قلبِ بيروت الذي يَنبُضُ في شرايينك.