ليسَ هناك من أحدٍ ربما لم يَشعُر بلفحةِ تلك النارِ التي كانت تقتربُ من الطيارِ الاردني في قفصِه في آخرِ ما توصلَ اليه العقلُ الداعشيُ المتوحشُ من أساليبَ للقتل. معاذ الكساسبة انتظرَ بهدوءٍ لملاقاةِ قدَرِه، فلا حولَ ولا قوةَ له، والحديدُ يطوقُه من كلِّ جانب. فمشهدُ النارِ التي كانت تمتدُ لتلتهمَ اللحمَ والحديدَ كانَ مشهداً مقطوعاً ، وتكملتهُ نارٌ تَهُبُ على المنطقةِ لتأكلَ الاخضرَ واليابسَ حتى الذين أوقدوا جذوتَها ، هذا طبعاً في حالِ لم يَستنفر المعنيونَ لاخمادِها أو على الاقل وقفِ صبِّ الزيتِ عليها.
الرئيسُ التونسيُ جسَّدَ واقعَ مشكلةِ الارهاب، تونسُ غيرُ قادرةٍ على مواجهةِ هذهِ الافةِ لوحدِها، بل تحتاجُ لتكاتفٍ دولي، وخَصَّ الجارةَ الجزائرَ بالتحيةِ لما تبذلُه من جهدٍ مشتركٍ لوقفِ هذا الوباءِ الظلامي. فالتجربةُ التونسيةُ الجزائريةُ جديرةٌ بالتقديرِ والتعميمِ الى العراقِ وسوريا وجيرانِهما. اقفالُ الحدودِ أمامَ الارهابيينَ ، وقفُ مدِّهم بالمالِ والسلاح ، وتجفيفُ منابعِ تغذيتِهم بالافكارِ المريضةِ باسمِ الدين ، فيه مصلحةٌ للجميع.
اما لبنانُ فيعملُ جاهداً لوقفِ النارِ عندَ الحدود، برغمِ أن شررَها اصابَ الداخلَ أكثرَ من مرة.
الرئيس بري يؤكدُ من عين التينة أنَّ الحوارَ باقٍ برغمِ محاولاتِ التشويشِ من بعضِ الاصواتِ المسعورة، حوارٌ يُظَلِلُهُ توافقٌ داخليٌ وخارجي.
وفي السرايِ تأجيلٌ للملفاتِ الساخنةِ للمحافظةِ على الحكومةِ وابعادِها عن فراغٍ ما زالَ متربعاً على كرسيِ الرئاسةِ الاولى. فراغٌ كانَ محورَ جولةِ المبعوثِ الفرنسي على المسؤولينَ اللبنانيين، جان فرنسوا جيرو زارَ اليومَ الرابية والضاحيةَ الجنوبيةَ بصمت، وبصمتٍ كانت باريس تعملُ في مجلسِ الامنِ الدولي لادانةِ حزبِ الله على عمليةِ شبعا، وبالفعلِ اُسقطت المحاولةُ الفرنسية، بضربةٍ قاضيةٍ روسية.