تلقفت اسرائيل مباردة التهدئة المصرية، تبنتها والتزمتها قبل ان تنقلب عليها وتخرج منها على اعتبار انها في كلتا الحالتين رابحة، ففي المبادرة، في حال نجحت، مخرج لتل ابيب من حرب بدأتها ولا تعرف كيف تنهيها، وشروط تعطيها في السياسة ما عجزت عنه في الحرب، وهي في حال رفضتها المقاومة الفلسطينية تبرر لها دوليا رفع مستوى الغارات والقتل والتدمير.
المقاومة رفضت المبادرة المفخخة لانها تعيد واقع غزة الى ما كان عليه من خنق وحصار قبل العدوان كأن لا شهداء يربو عددهم على المئتين سقطوا ولا تدمير حصل ولا معادلات ردعية جديدة تكرست بدخول ديمونا وحيفا والقدس وتل ابيب وخمسة ملايين مستوطن في مرمى الصواريخ، وُلدت المبادرة المصرية ميتة، فوراها بنيامين نتنياهو ووزير حربه وقررا تصعيدا قابلته المقاومة برد طاول مختلف المدن والمستوطنات وادى مرة جديدة الى اقفال مطار بن غوريون.
وما لم يقفل هو باب محاولة قطرية تركية بدلا عن المصرية، فيما استمر باب السجال في الاوساط الاسرائيلية مفتوحا، ففي حين يقف نتنياهو محاصرا بخياراته الضيقة يذهب وزير خارجية افيكدور ليبرمان حد الدعوة الى احتلال قطاع غزة معتبرا ان الوضع الاقليمي والدولي يسمح بذلك، بينما من الخبراء والمحللين من يرى ان قواعد اللعبة واستراتيجية الجولات مع قطاع غزة لم تتغير ومنهم من يعتبر ان رصيد اسرائيل انتهى، فهي تواجه حربا تنزع عنها الشرعية، حربا خرج الفلسطينيون منها منتصرون.