أنْ يُخاطرَ جون كيري ويَلتحفَ بغدادَ على بساطِ الريح ويخرجَ منها بوعدِ حكومةٍ جديدةٍ الشهرَ المقبل ويدعو إلى حلٍّ سياسي فذلك لن يغيّرَ خيمةً من إمارةِ داعش الضاربةِ من العراقِ إلى الشام والقابضةِ على المعابرِ والحدودِ وبينَها الأردنّ اليوم.
حكومةٌ لن تضمَّ البغداديّ وتولّي العدنانيّ وتوزّرُ العلواني والبيلاني وتَجمَعُ أبو فاطمة الجحشي على نوري المالكي فهؤلاءِ ليسوا صنّاعَ سلام، لا يعرفون لغةً للحوار وربما اعتبروها رِجْساً مِن عملِ الشَّيطان وأَفتَوا برَجمِ حروفِها، مَن سيحاورُ مَن؟ وأيُّ حكومةٍ وَعدَ بها المالكي الأميركيينَ قبلَ العراقيين؟
دولةُ داعش لا تحاورُ ولا تَقرَبُ السياسة، والأميركيون لا يَملِكونَ حلولاً السياسيةُ منها والأمنيةُ على حدٍّ سواء، وما يَجري في العراق اليومَ هو التطبيقُ العمليُّ الأولُ لمخطّطِ الدويلاتِ الفدراليةِ الذي أقرّه الكونغرس عامَ ألفينِ وسبعةٍ باقتراحٍ مِن جو بايدن وقَسّم العراقَ ثلاثةَ أقاليم: سُنية وشيعية وكُردية، والعراق إلى استنزافٍ وحربٍ طويلة، وهي في المُسلماتِ العسكريةِ ليست حرباً بين طرفَينِ عراقيين ما دام في الجيشِ العراقيِّ مَن يسلّمُ من أولِ “دعشة” أو يُخلي مواقعَه بلا أيِّ طلقةِ رصاص وهناك أيضاً مَن تَجري تصفيتُه حالما وصلوا إليه حيثُ الإعداماتُ لا تَرحَمُ أحداً وبينَهم مئاتُ السجناءِ الذين قضَوا على أيدي الدولةِ الإسلاميةِ في الساعاتِ الماضية.
أميركا ستَجلِسُ في مقاعدِ الجُمهورِ المتفرّجِ على الحرب وستَنزِفُ أموالَ الخليجِ ولاسيما السُّعوديةُ منها والإماراتيةُ لتَضُخَّها على المعاركِ وتَحجُبَها عن مِصر، أما داعش فلم يَعُدْ لها حدودٌ تتوغّلُ في كلِّ اتجاهٍ وتُلغي المَسافات، وتَطرُقُ بابَ الأردنّ الذي استُنفرَ عسكرياً على حدودِه مع العراق.
وفي لبنان فإنّ خلايا الإرهابِ سوف تلمُّ الخلايا السياسيةَ وتُعيدُها إلى طاولةِ الحكومة في تفاهمٍ مرحليّ لا يشمَلُ بالضرورة التوافقَ على الاستحقاقاتِ الكبرى حيث لا رئيسٌ للجُمهوريةِ إلا بتوافقٍ نوويٍّ نهائيٍّ أميركيٍّ إيرانيّ، ولا جَلَساتٌ تشريعيةً تُرضي ذووي السلسلة منعُ التّجوالِ السياسيّ خرقَه اليومَ السفيرُ الاميركيُّ في بيروت ديفيد هيل الذي قال مِن السرايا الحكوميةِ إنه ناقشَ معَ الرئيس تمام سلام مواضيعَ تواجهُ بلدينا بما في ذلك دعمُنا لأمنِ لبنانَ والعملُ للسيطرةِ على امتداداتِ الحربِ الدائرةِ في سوريا ولبنانَ.
وفي الترجمةِ العمليةِ لكلامِ السفيرِ الأميركيّ التي لن يَقوى على تفسيرِها بهذا الوضوح أنّ واشنطن تباركُ دورَ حِزبِ اللهِ العامل على وقفِ إمتداداتِ الحرب وبذلك يكونُ الأميركيون قدِ انتقلوا من توجيهِ الرسائلِ الى الأسد إلى مغازلةِ حِزب يُعاونهم على مُصابِهم.