محكمة… فُتح الباب وافتُتحت الجلسة.. بتسجيل تأخير لنصف ساعة.. دخل القاضي نيكولا ليتييري ليعتذر بصوت ملؤه الحنان: سقطت والدتي وكسرت قدمها.. تأخّرت بسبب إجراءات إدخالِها إلى المستشفى . هو الوجهُ الآخر لقاضٍ شرب من مياهِ البندقية وعايش لياليَ أُنس فيينا ورمى في بِركتهِا أمانيَه.. ومن له رقةُ القلب يرمي الحقَّ في وجهِ الظلم ويدخل التاريخَ من باب نصرة الحرية والأحرار ليتييري الذي يخوض غِمارَ السير بين نِقاط الادعاء وزخّات الدفاع سبق سيفُ عدلهِ اليوم عذلَ صَديق المحكمة عدوِ الإعلام كينث سكوت فأسكته عما راودته به نفسُه حين طلب ربطَ قضية الجديد وكرمى خياط ببركان المِنطقة المتفجر في السياسة كما في الأمن.. حاول سكوت حبْكَ مصيرِنا بخيوط النار الإقليمية فتصدى له محامي دفاع الجديد بأنّ بعضَ المطر يأتي متأخراً لكنه لا يعيدُ إلينا الشتاء.. وبضربةِ مِطرقة لم يَخُن ليتييري كريم خان وأسكت سكوت برد الطلب.. في مجرياتِ جلسةِ الشهود اليومَ كانت السريةُ سيدةَ العلنية فأقفلت الصورة كما الصوت عن الجمهور ما انتقده ليتييري نفسُه قائلاً الشفّافيّة مبدأ أساسي.. ولكنّ لخصوصية الشهود أحكامَها . ومن العدل الدوليّ إلى القانون الوضعي.. قانون للسير سيرتفع غداً فوق عجَلات الملايين الطائرةِ على أجنحة المخالفات.. غداً سيَسيرُ اللبنانيون على العجين “وما يلخبطوهوش” وعلى أهمية النظام في الدول المتحضرة أيننا نحن من نظام يسيرُ بلا رأس يسيّر شؤونَ البلاد والعباد.. وأيننا نحن من حكومة لا تستطيع أن تقر موازنة تحدد سير الإنفاق وكل يفتح حساباً جارياً لوزارته.. غداً ستصبحُ السلطةُ للأخضرِ والأحمر والأصفر وعند الامتحان يكرمُ القانون أو يهان.. لكن لا بد لك من يومٍ يطبّق فيه النظام وإن على بلد مهترئ النظام . على ضَفة رومية عاد العنبران “دال” و”باء” إلى حِضن الشرعية.. وبعد اعتصامٍ وقطعِ طريق التقى الأهالي أبناءَهم فُرادى واطمأنوا إليهم.. وفي غمرةِ ما تعيشُه منطقتُنا من حاضرٍ أسودَ مِن بابِ المَندَبِ حتى الشام مروراً بدار السلام.. ماضٍ أبيضُ أسلم الروح اليومَ فثُكلت أمُّ الدنيا بفِقدانِ الشعرِ الشعبيّ أحدَ أعمدتِه.. عبد الرحمن الأَبْنُودي سيرة هلالية حطّت رحالَها بعد صراع مع المرض.. طويت صفحةُ الصعيدي أسمراني اللون.. ونامت عيونُ القلب ساعات ساعات.. ناح الحمام وعدّى النهار.