ليلَ الخامسِ من رمضان الموافقِ سنةَ ألفٍ وأربعِمئةٍ وستةٍ وثلاثينَ هِجرية ارتدى وزيرُ عدلٍ لبنانيّ ثوبَ مسحّراتي وخَرجَ إلى الناسِ يُوقِظُها على تداوُلِ مَشاهدِ فيديو للتعذيبِ في السجون فاشتَعلتِ المدينةُ غَضباً كادَ يتحوَّلُ إلى فِتنة أشرف ريفي “ولّعها ونهاد المشنوق أَطفأَها لكنْ من بابِ تحمُّلِ المسوؤليات لا إضرامِ النيرانِ على قضيةٍ تحتاجُ إلى عُودِ كِبريت تَقدَّمَ وزيرُ الداخلية بشرحٍ مسؤولٍ عن حادثٍ وَقعَ قبل شهرين وأرادَ البعضُ إستثمارَه اليوم وهو حادثٌ مُدانٌ مرّتين أولاً لأنّ أسلوبَ الضربِ مرفوض وثانياً لأنّ الفاعلَ هو الأمنُ والعسكر المولجُ حمايةَ السجناءِ لا إهانتَهم وتعذيبَهم وتصويرَهم على هذا النحو وإنْ كانوا يَحمِلون صفةَ الإرهاب لن يختلفَ إثنان على إدانةِ واقعةِ رومية التي تعكِسُ أسلوباً بربرياً يتقاطعُ ونمطَ داعش لكنّ الاثنين سيَختلفانِ حُكماً على استخدامِ هذه المشاهد في مبارياتٍ سياسية وفي وطنٍ يعيشُ على حدودِ الإرهاب والفرقُ بينَ وزيرينِ منَ الدمِ الأزرقِ نفسِه هو المسوؤليةُ والعملُ بموجِبِها فالمشنوق لم يُخفّفْ من هولِ الارتكابِ في رومية ولم يَنفُضْ عنِ العسكرِ غُبارَ الإدانة لكنّه قدَّمَ روايةً مُقنعةً للناس ولأهالي السجناء ورّدَّ الحادثَ إلى زمنٍ كان فيه المبنى “دال” مُكتظاً ولا يُعرّفُ فيه السجينُ الإسلاميّ مِن غيرِه وفي مقابلِ هذا الأداءِ الوزاريِ الحاضرِ للمحاسبة كان وزيرُ العدلِ يَجمعُ لَفيفَ العلماءِ المسلمين مِن حَولِه ويَجلُبُ طُبولَ الليلِ لقَرْعِها مُنتصفَ النهار ويتشوّقُ إلى زمنٍ حبّذا لو يُعيدُه قائدَ مِحور مرةً واحدة ليَنتقم من رومية إلى سجونِ دمشق مشاهدُ التعذيبِ في رومية لم تُلْغِ عَذاباتِ المتسولين على أبوابِ السفارةِ السعودية فظَلَّ جُرحُ ويكليكس نازِفاً على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي فيما رّدَّ الوزير بطرس حرب والإعلامية مي شدياق عبْرَ “الجديد وإذا كانت ويكليكس قدّمت أوراقَها من دونِ تصنيفٍ للبؤساءِ اللبنانيين فإن طريقةَ الشحادة الواردة هي درجات وتتفاوتُ بحسَبِ الأرقام والمطالبِ الاجتماعيةِ أو الدينية على أن القواتِ اللبنانية والـMTV تبقيان الأبرزَ نظراً إلى حجمِ المبالغِ المطلوبةِ ووضْعِها في خدمةِ الحرية والسيادة والاستقلال والقوات تحديداً قدّمت نفسَها كمتبرّعةٍ لدى “المطاوعة” وعضوٍ مؤسسٍ في هيئةِ الأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر السعودية ووَضعتْ حزبَها في خدمةِ العائلة إنقاذاً من الإفلاس لا لإنقاذِ لبنان وهي بذلكَ تكونُ على استعدادٍ للبيع لمَن يدفعُ أكثر والتخلي عن حريةِ القرارِ والعُنفوان والسيادة وكلِ بقيةِ المفرداتِ اللُغوية التي “طبلت” المنابر وخدشتْ حياءَ اللبنانيينَ اليوم بعدَ تَبيانِ مَراميها الأصلية وإذا إتَّبعنا التقويمَ التاريخيَ لويكليكس الصادرةِ وثائقُها عن عامِ ألفين واثني عَشَر سوف نجد جعجع كان صادقاً ومندوبَه إلى السفارة كان كالعرّافينَ يتوقعُ ما سيحدثُ ويقرأُ طالَعَ الخطرِ الآتي على الحكيم وما هي سوى أيامٍ حتى تُدوّي موقعةُ الزهرة في معراب هو تنبأَ باستعدادِ زعيمِ القوات للقيامِ بزيارةٍ للسعودية وحَدثَ ذلك في السابع عَشَر من كانون الأول عامَ ألفين وأربعةَ عشَر والأهمّ أنه على استعدادٍ لوضعِ قراراتِه في تصرّفِ المملكة لكنْ على الأرجح فإن السعودية لن تشتريَ السياسيَ اللبناني إلا والعصا معه.