لو قُدّر للشعبِ اللبنانيّ أن يفهمَ أين ذَهب فؤاد السنيورة بالأحدَ عَشَرَ مِلياراً لَكانَ مُقدّراً للمحكمةِ الدَّوليةِ أن تستوعبَ شهادةَ الرئيس القادمِ إليها بطبعتِه الثانية فؤاد عبد الباسط الزئبق شاهِدٌ بخصائصَ سياسيةٍ مؤكسَدة ووقائعَ حراريةٍ مُصَهرنة تتبخرُ بمرورِ الزمان ولهذا فإنه يصعبُ التقاطُه ويُنصحُ بتجنّبِه وتفادي نُقطةِ غليانِه ومن هنا كان قضاةُ المحكمةِ الدَّولية كمَن يُمسكُ الهواء.. فأدخلَهم وزيرُ المالِ الأسبقُ في متاهةِ الدَّينِ العامِّ الذي بدأ بثلاثةِ ملياراتٍ قبلَ الحريري وانتهى بخمسةٍ وعشرين ملياراً بعدَه ولأنّ الجماعةَ الدَّوليةَ مِسكينةٌ في الدهاليزِ الماليةِ اللبنانيةِ فهي لم تَفُكَّ اللُّغز عن تنامي الدَّينِ ولُعبةِ الدولارِ والليرة ورفعِ سعرِ الدولار أمامَ العُملةِ الوطنية ما أدّى إلى انهيارِ الليرةِ واستحواذِ الحريري على العَقاراتِ التي اشتراها بأرخصِ الأثمانِ مُستعيناً بأموالِ مودعي البحرِ المتوسط تاركاً إرثاً من التضخمِ الماليِّ حصدتْه الموازنةُ ديناً عاماً لم يكن هذا شرحَ السنيورة وارتَضت المحكمةُ بالأرقامِ التي سمِعتْها من دونِ أن تحلّلَ وُجهةَ صرفِها ومن دون أن يكون لديها أيُّ علمٍ أو خبر بأنّ الشاهدَ الجالسَ أمامها أختتم عهدَه بتبذيرِ أحدَ عشَرَ مليارَ دولارٍ لا تزالُ حتى اليومِ متسبّبةً بعدمِ إقرارِ الموازنة والمحكمةُ لم تفقَهْ لا في المال ولا في البنين حيثُ أخذَها السنيورة إلى بحرِ اعتقالِ الضباطِ الأربعةِ وردَّها عَطشى وكانت كلُّ تعليقاتِ القاضي راي” ومحامي الدفاع أنطوان قرقماز تتمحورُ حولَ عبارات: لم نَفهم لم نحصُلْ على جواب لستُ متأكداً منَ الإجابة هذا ليسَ جواباً فبالنسبةِ إلى السنيورة كان قرارُ الاستمرار في اعتقالِ الضباطِ الأربعةِ قضائياً صِرْفاً لكنّ كلَّ سجِلاتِ تلك الأيام تُثبثُ أنّ رئيسَ الحكومة ووزيرَ العدل المنتشِي بوعدِ الرئاسةِ والمدّعيَ العامَّ التمييزيَّ سعيد ميرزا تكاتَفُوا وتضامنوا على إبقاءِ الضباط خلفَ القُضبان وتستّروا بلَجنةِ التحقيقِ الدَّولية ومارسوا ضغوطاً على القاضي الياس عيد الذي لم يخرجْ بكلمةِ رجلٍ حتى اليومِ على الرَّغمِ مما مسَّه مِن أذىً معنويّ وأخرجوا له ورقةَ بوناتِ البنزين ونَحوَّه عنِ المِلف أيضاً المحكمةُ لا تملِكُ تلك المُعطيات وليس عليها إلا أن تصدّقَ رجلاً يلعبُ بالشهادة كما لعِب بالسلطة وتفرّدَ بها وبدّد أموالَها ومن اللعِب على المسرح الدَّوليّ إلى العبثِ بمصائرِ الأطفال حيث تبدّتِ اليومَ معطياتٌ جديدة عن الطفلتين سيلين ركان وإيلا طنوس التي خرجت إلى الحياةِ قبلَ أن تُكملَ عامَها الأولِ مقطّعةَ الأطراف فيما اتّجهت نِقابةُ الأطباءِ في تقريرِها اليومَ إلى محاولةِ عدمِ إدانةِ الطبيبِ المعالج أما في قضيةِ سيلين وبعد عامٍ على وفاتِها فإنّ عاملةَ المنزل أصبح لديها كلامٌ جديدٌ قد يَستدعي إعادةَ طلبِ تشريحِ الجُثة.