هي لوحة سريالية بامتياز طبعت المشهد الداخلي اليوم.. لكن إطارها وضع في أمس ليس ببيعد ويعود إلى سنة وشهرين على عداد الفراغ الرئاسي..الثورة البرتقالية ليست وليدة لحظتها ..وحراك الشارع ليس ترفيها مستجدا لدى تيار تعرفه الشوارع من أيام الوصاية السورية وما تلاها..أعطى الجنرال القاعدة الضوء الأخضر ومن سن الفيل كانت انطلاقة البروفا السيارة نحو السرايا غدا..الميدان اليوم لم يقتصر على شباب أكلوا العصي سابقا وكان أصحاب ربطات العنق يعدونها فنزل أهل الديوان إلى الأرض ومنهم وزير التربية..الحراك جاء بالتنسيق مع الحلفاء وبالتزامن معه جاء العون من حزب الله سياسيا..إذ زار وفد من كتلة الوفاء للمقاومة قصر بسترس واجتمع بوزير الخارجية بحضور وزراء من التكتل ووزير المردة وفي الاجتماع التنسيقي إجماع على المشاركة في جلسة مجلس الوزراء غدا بمن فيهم وزراء التكتل..على قاعدة خوض المعركة في الشارع ومن داخل المؤسسات..وبعد الاجتماع كلام أدلى به جبران باسيل بأن القصة لم تعد قصة رئيس جمهورية ولا قانون انتخاب لأن عين عين التينة تصوب على التمديد الثالث ومن هذا المنطلق قال باسيل سنؤدي دور الوزير ودور الوكالة عن الرئيس أمام السرقة الموصوفة وعملية خطف صلاحيات الرئاسة..هم يأخذوننا عنوة إلى التحدي ولن نكرر خطأ التهميش وهم ورطوا الحكومة في هذه الورطة ..وفي العبارة الأخيرة يكمن بيت القصيد والمقصود رئيس مجلس النواب من دون تسميته.. إذ إن لب المشكلة اليوم ليس رمانة ..بل قلوب مليانة..وتحالفات فضت تحالفات.. حنكة دبلوماسية باسيل لم تستطع فك شيفرة دهاء نبيه بري..فلم يستطع الجنرال ترويض البري والأستاذ لم يدجن الجنرال فارتفعت الأسوار بين الرابية وعين التينة..لتزال العوائق بين جنرال الرابية وزعيم بيت الوسط ووضعت اللبنة الأساسية في روما للقاء المسائي الشهير في بيت الوسط ..فنشأ حلف بدلا من الحلف مع حليف الحليف..لكن الود سرعان ما انقطعت حباله بعد تراجع سعد الحريري عن ضماناته لميشال عون..وصولا إلى اللقاء الذي بانت معالمه لاحقا بين سلام وبري واتضح أن لاعب النرد لعب السياسة والسياسيين على إجر ونص..فعل بري ما فعل وجلس يتفرج ويستحضر في لقاء الأربعاء الدراخما اليونانية والنووي الإيراني والنفط النائم في مياهنا..ومر مرور الكرام على مصلحة لبنان واللبنانيين فيما قالت مصادر عين التينة إن الرئيس لن يعلق على التحرك العوني ولن يدخل في سجال مع أحد.. هذه الصورة البانورامية دفعت الجنرال عون ليعلنها انتفاضة الدفاع عن حق الشراكة كما عن حقوق المسيحيين المسلوبة على حد قوله..ووسط هذه الصورة تقمص وليد جنبلاط اليوم دور الأطفائي فاتصل بعون هاتفيا ليرد عن نفسه ضيم الغدر المتهم به ويؤكد له استمرار التواصل والعلاقة الإيجابية معه..أقفل جنبلاط الخط وقفل مسرعا إلى السرايا الحكومية ليقول إن الاستحقاقات باتت أكبر وأخطر..وتبقى المجالس بالأمانات أقله حتى الساعة.