بينَ شَوطَي ألمانيا وفرنسا وحماسةِ المشاهِدِ لكرةِ القدم لا يبقى للسياسةِ من ملاعِب.
وإذا وُجدت تلك الملاعبُ فإنها مدرّجاتٌ بلا جُمهور. حيثُ الأمورُ مجمّدة والبِطالةُ السياسيةُ بلغت أعلى مستوىً.
وفي الفراغ فإنّ لبنانَ يَشتغلُ سياسياً وأمنياً عند فضَلاتِ العراق وسوريا ولا معالجاتِ داخليةً إلا لتلك الآتيةِ من بلادِ الشام وبغداد نَسُدُّ النوافذَ أمام تدفّق الولاية نرصُدُ الأمنَ والخلايا الإرهابيةَ منعاً لتحويلِنا الى فَضَلات.
نراقبُ الأماكن والمناطقَ الآيلةَ للسقوط اجتماعياً في البيئةِ الداعشية، ونحمي الكنائسَ والمساجدَ برموشِ عيونِنا كما قال وزيرُ الداخليةِ نهاد المشنوق الذي كَشف أنه طَلبَ إلى مجلسِ الوزراء رفعَ عديد قُوى الأمن الى أربعين ألفاً أي بزيادةِ عشَرةِ آلافٍ على وضعِه الراهن.
سوريا التزمت رفعَ العديدِ الجويِّ عند الحدود وقَصَف طيرانُها على دُفُعاتٍ مناطقَ في جرود عرسال ما أوقع قتيلينِ وعدداً من الجرحى وقالت الوَكالةُ الوطنيةُ للإعلام إنّ الغاراتِ استَهدفت جيوباً للمسلحينَ في المِنطقة غيرَ أنّ المصابين كانوا مدنيينَ على الأرجح. وإذا كان الأمنُ مِلفاً للمعالجة فإنّ النزوحَ نَزْفٌ لم يَعرِفْ تنظيماً ولا فَتْحَ قنَواتٍ معَ المعنيينَ لحلّه..
واليومَ عَقد وزيرُ الخارجية جبران باسيل مؤتمراً صِحافياً رَفض فيه إقامةَ مخيماتٍ أو تجمّعاتٍ سكنيةٍ لأيواءِ النازحين حِرصاً على صونِ حقوقِ اللبنانينَ وحمايةِ كِيانِهم. وقال إنّ لبنانَ لا يزالُ يَحرِصُ على إبقاءِ قنَواتِ التواصلِ مفتوحةً معَ السُّلُطاتِ السورية.
وإن السِّفارتينِ تعملانِ وتتبادلانِ الرسائلَ والمذكِّراتِ في مِلفاتٍ مختلفة. وعليهِ فإنّنا نَرى أنّ التوصّلَ إلى حلٍّ عمليٍّ وواقعيٍّ وتدريجيٍّ لمسألةِ النازحين يَفرِضُ التواصلَ مع سلطاتِ البلد الذي قدِموا منه.
إقتراحُ باسيل موقفٌ مسوؤلٌ سبقَ أن حَفزّت قناةُ الجديد على اتخاذِه .. فالعالَمُ يُفاوضُ سوريا ويَلتقيها مِن فوقِ الطاولة وتحتَها.. ولا موجِبَ هنا لاعتمادِ سياسةِ النأي بالنفس لأنّ تَركَ هذا المِلفِّ من دونِ حلولٍ سيُعَدُّ تأجيلاً لكرةِ نار .. ترتفع وتيرتُها مع سخونةِ الوضع العراقي السوريّ.. أما الاقتداءُ بمآثرِ الرئيس نجيب ميقاتي وخُطاه فإنّ الرجل كُتلةٌ واحدة.. فإما أن تقبلوه بما امتَكلت أيمانُه من نأيٍ بالنفس وقضايا أخرى. وإما أن ترفُضوا نهجًه.. ولا تمارسوا الانتقائيةَ في ما اتّخذه من قراراتٍ على مدى عهدِه الميمون.