مِن زمنِ الإرهاب تحتَ رايةِ الإسلام.. توحّدتْ دارُ الفتوى.. وانتُخب عبد اللطيف دريان على رأسِ الديارِ الشرعيةِ في لبنان خَلَفاً لمُفتٍ كان يُصارعُ للبقاء… في سيرةِ دريان أنه شيخٌ جليل.. لكنْ ما لا تَكتُبُه السِيَرُ الذاتيةُ أن الرئيس فؤاد السنيورة كان أولَ مَن رشّحَ هذا الإسم.. لم يمكثْ الترشيحُ طويلاً حتى وَجد السنيورة أنه لم يكنْ “دريان” بمسعىً توافقيٍ علمائيٍ سياسيٍ على شخصيةِ المفتي المقترح.. وهذا المسعى غَزَلَ خُيوطَهُ بينَ المرجِعيات الوزيرُ السابق عبد الرحيم مراد وقادَ إلى سحبِ الدعاوى… هيئةُ العلماءِ المسلمين وَقفت أمامَ دارِ الفتوى وأَطلقتْ إعتراضاتٍ وَصلت مَسامِعُها الى المنتخِبينَ في الداخلِ احتجاجاً على آليةِ الانتخابِ التي تُبقي هيئةً كهذه خارجَ الصناديق ومعَهم مئاتُ المشايخِ والعلماء ممّن يُحرَمونَ العمليةَ الانتخابيةَ بموجِبِ إصلاحياتٍ قَلصتِ العددَ إلى مئةٍ وثمانية بَدَلَ ثلاثةِ آلافِ صوت… مآخِذُ الهيئةِ مُحقةٌ في جُزءٍ كبيرٍ منها.. فإضافةً إلى العدد هناكَ التدخلاتُ السياسيةُ التي طالبوا بتحرُرِ دارِ الإفتاءِ منها.. على أنّ السياسةَ مِلْحُ كلِ دار.. ولولا نِزاعاتُها لَما تشرذمتْ وتقسّمتِ المرجِعيةُ السُنيةُ الأولى في لبنان على مدى سنوات.. ولَما أشرفَ عليها شخصياً الرئيس سعد الحريري.. بنكُ الإئتمانِ الضامنِ في الدِين والمال. وأَولم الحريري بعدَ الانتخاب على شرفِ المفتي دريان وبحضورِ الرئيس نجيب ميقاتي.. موضحاً أنْ لا وظيفةً سياسيةً للهبةِ السعودية سوى دعمِ الدولةِ اللبنانيةِ ومؤسساتِها العسكرية… لا شكوكَ في النيات.. وإنما في طريقةِ تجاوزِ منطقِ الدولةِ ومؤسساتِها.. وفي المساعي الصِحافيةِ لمتابعةِ سَيْرِ الهبة.. كان لا بُدّ من إجراءِ لقاءٍ تلفزيونيٍ معَ وزيرِ المال علي حسن خليل الذي استَغربَ عمّا نتكلم.. واعتذر عن إجراءِ أيِ لقاءٍ صِحافيِ لأنْ لا معطياتٍ رسميةً لديه.. ولا معلوماتٍ غيرَ تلكَ التي يتداولُها الإعلام… فإذا كانت خِزانةُ الدولةِ لم تستلمْ مبلغَ المليار.. ومصرفُ لبنان لم يفتحْ أيَ اعتمادٍ فيها.. ومجلسُ الوزراء لم يوافقْ عليها بعد.. فكيف يوزّعونَها مسبقاً؟ ووَفْقاً لأيِ آلية؟ علماً أنه خلالَ جَدلِ كتابِ “الإبراء المستحيل” وما تَبِعَه من ردودٍ من الرئيس فؤاد السنيورة.. تبيّن أنّ تسعينَ في المئة من الهِباتِ التي وَصلت إلى لبنان كانت من غيرِ قُيودٍ رسمية.. ولم تُسجلْ. ولا وضعيةٌ قانونيةٌ لها.. في البلدِ “الماشي على سكةٍ منحرفة.. قانونياً ومالياً وسياسياً”.