دارت الدائرةُ وعادت باتجاهِ عرسال. المعركةُ لم تنتهِ في الأصل إذ جَمرُها كان تحت الرّماد . ودُخَانُها الأبيضُ كان يتصاعد من معلومات عن حشودٍ للإرهابيين وعن معابرَ سالكة لهم ترتسم معالمُها في الجرود الجرداء. الفاصلةِ بين لبنان وسوريا. لبنان ما عاد بعيداً من عين الدولة الإسلامية. والخطرُ المُحدِقُ يَلُفُّ حدودَه البقاعية والشَّماليةَ كذلك. وإذا كانت عرسال خاصرةَ القلمون الرَّخوةَ فمِن أين يَعبُرون إلى ملحِنا وأرضِنا ؟ وأيَّ مسالكَ يَسلُكون ؟ أمن مخيمات النزوح ؟ أم من مخيماتِ الشتات ؟ من أحلام داعش. إمارة في لبنان وهي إمارةٌ أمّارةٌ بالقتلِ والذبحِ والسبي فماذا أعدْدنا لها من عُدة ؟ سوى وعدٍ بمليارٍ عائمٍ على يختٍ في موناكو. وفي الجرود جنودٌ يواجهون باللحم الحي . ليلاً يتعرّضون في وادي الحميد في عرسال لهجومٍ من مسلحين صدَّوه بما مَلَكت أيمانُهم من وطنية . ونهاراً يواجهون في وادي الرَّهوة في عرسال أيضاً كَميناً من إرهابيين تعاملوا معه بشرفٍ وتضحيةٍ ووفاء. وبنتجيتِه أُصيب جنديّ وفُقد الاتصالُ بآخر… عينُ الجيش الساهرةُ في عرسال كانت متيقّظةً في عين عطا فقَبَضَت على إرهابيين من النصرة والحرّ جاؤوا من سوريا عَبر جبل الشيخ ووُجهتُهم البقاع لتنفيذِ عملياتٍ إرهابية. والعينُ نفسُها رَصدت في الصَّوِيري في البقاع الغربيّ لبنانياً مطلوباً بمذكِّراتٍ أبرزُها محاربةُ الجيش والانتماءُ الى جبهة النصرة . بالتزامن مع ارتفاعِ منسوبِ التوتر الأمني .شاءت الظروفُ أن يكونَ مجلسُنا الوزاريُّ ملتئماً بجدولِ أعمالٍ عادي. كَسر رتابتَه الهجومُ والكمين. وعلى الوضعِ المتوتر في عرسال كان كلامٌ خطِرٌ من وزيرِ الداخلية نهاد المشنوق . نقلَه عنه وزيرُ التربية الياس بو صعب. داعش أصبحت على الحدودِ وعددُها بالآلاف . وعلى الطاولةِ وَضع المشنوقُ عَرضاً مفصّلاً للوضعِ الامنيِّ وللخطِر الذي تمثّلُه التنظيماتُ الإرهابيةُ والتكفيرية على لبنان. أما على الأرض فما على السلطةِ السياسية والأمنية إلا أن تراقبَ عشَراتِ الشُّبانِ اللبنانيين الذين ينضوونَ في هذه التنظيماتِ ويتحوّلون أحزمةً ناسفة في بلاد الجهاد الواسعة… جُلُّ ما انفضّ عنه المجلس الوزاري ثابتةٌ واحدة هي مرسومُ الإفادات الرسمية . في وقتٍ أحوج ما تكونُ فيه السلطةُ السياسية اللبنانية إلى إفادةِ حُسن سلوك …