ذاب الثلجُ الرئاسيُّ وبان مرجُ الحكومةِ التي عليها منذ اليومِ أن تتدبّرَ أمرَها في سراياها فالوزراءُ أصبحوا مهاجرين من القصر ونزحوا قانوناً إلى المقرِّ الحكوميِّ ليتولَّوا منصباً أرفعَ يؤهّلُهم أن يكونوا برأسينٍ حكوميٍّ ورئاسيٍّ على حدٍّ سواء. لكنْ مَن سيقرّرُ جدولَ الأعمالِ في غيابِ الرئيسِ المسيحي وما صلاحياتُ رئيسِ الحكومة وهل يشاركُه في آلياتِ السيرِ وزراءُ من طائفةِ رئيسِ الجُمهورية؟
الشراكةُ واقعةٌ لدى تكتّلِ وزراءِ عون والكتائبِ على حدٍّ سواء وهم سيطالبونَ بتحديدِ الآليةِ في جلسةِ اليوم ويدفعونَ باتجاهِ تقاسمِ الصلاحيةِ وإعطائِها الأولويةَ على أيِّ نقاشٍ آخر هذا ليس كلَّ ما لدينا مِن تعطيل إذ إنّ علامةَ الاستفهامِ التي رسَمَها وزيرُ المالِ علي حسن خليل عن شرعيةِ الحكومةِ في حالِ تعطّل مجلسِ النواب تَركت علاماتِ تعجّبٍ على مصيرِ مؤسساتِ الوطنِ مجتمعةً غيرَ أنّ أسبابَ أمل وحزب الله تختلفُ عن ميثاقيةِ عون والكتائب لكنْ في النهاية كلُّ الطرقِ تؤدي إلى التعطيل ولن يبقى حينذاك مِن مَنفذٍ سوى إتفاقٍ جامعٍ على التمديدِ لمجلسِ النواب.
وساعتئذٍ يَهرَعون إلى المجلس لتثبيثِ أقدامِهم على أراضيه وعند التمديد تسقطُ الميثاقية ويصبحُ النوابُ المقاطعون اليوم حاضرين غداً يرفعونَ أيدَهم ليكسِروا آخرَ معاقلِ الديمقراطية التي ستكون قد مدّدت مرتين وبلا سببٍ يَستدعي ذلك وبلا أيِّ ضروراتٍ مِن شأنِها أن تُبيحَ المحظورات إلا تلك المتعلقةَ بالمقاعدِ النيابية لكلِّ فريق وعدمَ المغامرةِ في معركةٍ انتخابية لا تضمنُ الحفاظَ على المكاسب لكنّ ما بدأتْه جلسةُ اليوم قد يَرسُمُ نهايةَ ولايةٍ طويلةِ العمر للأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي.
وما يتدبرُه الوزراءُ المسيحيون في الجلسة قد ينتزعُ أوراقاً من ذاك الرجلِ الذي لم يكن أميناً على محاضرِ مجلسِ الوزراءِ ويحرّرِ الرئيس تمام سلام من قبضتِه فالبوجي على زمنِ رفيق الحريري كان أداةَ تزوير وعلى عهدِ فؤاد السنيورة أصبحَ شريكاً وفي ولايةِ سعد الحريري تحوّل إلى وصيٍّ على الأمانةِ باعتباره مِن تَرِكة العهد ولأنه من إرثِ الشهيد فقد خافه نجيب ميقاتي وتجنّب المسَّ به إلى أن أصبحَ في عِداد أولادِه الأربعة من قادةِ الأجهزةِ السنة.
فإذا ما نجح وزراءُ عون والكتائب اليومَ في تحقيقِ الشراكة داخلَ مجلسِ الوزراء وجدول الأعمال يكونُ سهيل بوجي أولَ مَن ستُكّفُّ يدُه وهي خدمةٌ سينتفعُ بها تمام سلام بحيث يصبحُ حراً من عينٍ ساهرة راقبت كلَّ العهود.