طرابلس كانت اليوم تصنع الحدث. نصف وزراء الحكومة تقريبا زاورا المدينة، وأبحروا من شاطئها برفقة آخر رئيس للجمهورية، ونأمل ألا يكون الأخير. ترافقهم شخصيات مدنية واقتصادية، في رسالة واضحة، وهي أن الفيحاء مدينة للحياة ومفتوحة للجميع، وليست قندهار بأي شكل من الأشكال.
طرابلس التي كانت تضحك لزوارها، كانت أيضا تقول إن مستقبل لبنان يمكن أن يرسمه المدنيون، لا حاملو السلاح، وأنها تحت رعاية السلطات الشرعية بعيدا عن سلاطين السلاح، فيما كانت بيروت تتذكر النائب الشهيد وليد عيدو، الذي قتله سلاح الغدر قبل سبع سنوات، فارتفع شهيدا على درب حماية لبنان من هيمنة السلاح وأحزابه وأنظمته.
وعلى بعد أمتار من المثوى الأخير لعيدو، كانت فارغة مرجوحة ابن الخمس سنوات الطفل منير حزينة، الذي أصابه رصاص “حزب الله” غدرا وإجراما دون حسيب أو رقيب. المجرمون الطليقون، مطلقو الرصاص في جنازات قتلى “حزب الله”، قال لهم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، إنه لن يسامح أي شخص يقوم بإطلاق النار في الهواء، “فهو كأنه اطلق النار على عباءته، عمامته، والله بينه وبين هؤلاء يوم القيامة”، بحسب بيان اضطر الحزب لإصداره.
لكن لا رأي لمن لا يطاع. فالبيان نفسه كان صدر في 15 شباط الفائت، ولم يلتزم أحد من محازبي نصرالله ومناصريه. فهو ليس رصاصا طائشا، بل حزب طائش يحمي المجرمين، وهو ليس رصاصا في الهواء، بل رصاص يطلقه زعران على صدور اللبنانيين ورؤوس الأطفال لترويع الآمنين وتخويفهم ولبعث رسائل القوة في كل اتجاه.
أما حادثة بلدة قلب لوزة السورية فبقيت محل متابعة، وكان لافتا البيان الصادر عن “جبهة النصرة” عبر “تويتر”، والذي قالت فيه: ان عناصرها شاركوا في الحادثة من دون الرجوع إلى أمرائهم، وانهم سيحاسبون، لأن ما وقع، خطأ غير مبرر. تداعيات تلك الحادثة شكلت محور الاجتماع الذي عقد في كليمنصو بين النائب وليد جنبلاط، ووفد من كتلة “المستقبل” النيابية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي شدد على ضرورة الإبتعاد عن الفتنة والتمسك بالجذور العربية، فيما أكد جنبلاط على اهمية الصمود في وجه المؤمرات التي تمزق العالمين العربي والاسلامي.