نفدت خزائن الزمن، والأسبوع الأخير من المهلة الدستورية مصنوع هذه المرة بلا ربع ساعة أخير، فمن رسب في أشهر لن ينجح في دقائق. ولأن بكركي استشرفت نتيجة الرسوب من تلتها السياسية، فقد وجه البطريرك الراعي اليوم ما يشبه الإنذار الذي يحمل تهديد “وإلا”، وهو رمى بحرم العار على النواب، وإذا رموا سدة الرئاسة بالفراغ فإن إدانة الشعوب والدول الصديقة ستلاحقهم.
لكن الدول الصديقة لن تنجو من الإدانة بدورها، وبعضها ممسك بأطراف اللعبة وخيوطها، وعلى أرضه تدور مفاوضات الغد، وله تلزم ملفات لبنان السياسية.
مواكب الحج السياسي إلى السعودية، تنطلق رسميا في الساعات المقبلة، مسبوقة اليوم بلقاء الرئيس سعد الحريري وقائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع في باريس، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة الذي سينتقل إلى الرياض. والعاصمة السعودية سوف تستقبل غدا رئيس الحكومة تمام سلام، في زيارة رسمية سيطرح فيها أمام المسؤولين السعوديين إمكان الحفاظ على الاستقرار السياسي في لبنان من خلال استحداث آلية دستورية تبقي الرئيس ميشال سليمان في سدة الرئاسة موقتا إلى حين انتخاب الرئيس.
على أن رحلات الذهاب والإياب والطروحات السياسية، كلها تتوقف على افتتاح قناة الحوار الإيراني- السعودي، وتلك مسألة ما عاد إبراؤها مستحيلا مع خطوتين قدمتهما المملكة تجاه طهران، أولا في دعوة وزير الخارجية الايرانية إلى زيارتها، وثانيا من خلال الجهاد السياسي الذي بدأه ناظر الديبلوماسية السعودية سعود الفيصل، وهو استبدل دعم خلايا الإرهاب بخلية نحل سياسية يقود عبرها خط التقارب مع الجمهورية الإسلامية.
ومؤخرا صدر كلام لافت عن الفيصل يعلن فيه استعداد الرياض للتفاوض مع طهران. وقال إننا نرغب في استقبال وزير الخارجية، فإيران جارة لدينا معها علاقات، وإذا كانت هناك من خلافات نأمل في تسويتها بما يرضي البلدين.
المنطقة إلى عالم متغير، بعضها يدفع ثمن الثورات، أما لبنان فينتظر عند عتبات الدول التائبة عن الربيع. وفي الانتظار فإن عينة عن الحوار تجري من فوق السطوح وبقارورة الغاز.