حدث في مثل هذا اليوم حدثان:
في مثل هذا اليوم منذ خمسة عشر عاما، أقفلت بوابات الجنوب على آخر جندي إسرائيلي، في مشهد أرخ لهزيمة جيش لا يقهر.
في مثل هذا اليوم، حصدت المقاومة، بشقيها الوطني والإسلامي، ما زرعته سواعد المقاومين على مدى سني الاحتلال. سواعد أثبتت أن على أرض الجنوب ما يستحق الحياة، وفي رحم هذه الأرض تحول الشهداء ملحا للأرض ولونا لشقائق النعمان.
على مر زمن المقاومة، وجوه لبست الكفافي ومشت، ما عرفناها، لكنها مذ سقطت شهيدة بتنا نعرف ملامحها. على مر زمن المقاومة، منذ علي أيوب أول شهداء الثغور إلى آخر شهداء التحرير، تقول الحكاية إن ثمة رجالا كالورد الذي لا يغفو إلا منتصب القامة، وإن قبة الله مرفوعة على هاماتهم، وإن أجمل الأمهات تلك التي عينها لا تنام.
وفي مثل هذا اليوم منذ عام، أقفل باب بعبدا على آخر رئيس للجمهورية، ودخلت البلاد في دوامة فراغ الرأس وشلل الأطراف.
في مثل هذا اليوم، سلمت مفاتيح القصر إلى ناطور الشغور. ثلاث وعشرون جلسة مرت لانتخاب رئيس، طيرها عدم اكتمال النصاب. وأولياء الأمر اتفقوا على ألا يتفقوا على اسم رئيس.
365 يوما مرت، مبادرات تجول، لقاءات تعقد، جلسات حوار تؤكد، والرئيس في علم الغيب. وفي الذكرى السنوية الأولى على الغياب، عذر المسيحيين ليس معهم، وبات لزاما عليهم أن يشحذوا همة لانتخاب رئيس، علما أن الحل يكمن في قانون انتخاب جديد تتجدد معه الحياة السياسية، ويوصل الرئيس المنتظر من ساحة النجمة إلى قصر بعبدا. رئيس قادر على قيادة البلاد في محيط يلتحف السواد، من سوريا التي أصبح نصفها “داعشا” وربعها نظاما والربع الآخر “نصرة” ومعارضة، إلى العراق الذي تتهاوى محافظاته الواحدة تلو الأخرى أمام الزحف “الداعشي”، فيما التحالف الغربي يضرب ضرب عشواء من الفضاء ولا يكاد يصيب، إن أصاب.
الحل إذا في حل عسكري يمهد للحلول السياسية، وإن دخلت القاهرة وسيطا لتجمع طيف النظام السوري بأطياف المعارضة، ولا ضير من حراكها وإن جاء بعد خراب البصرة.