لأهالي غزّة موعدٌ مع الحياة حتى منتصف الليل. فقد وافقت إسرائيل على تمديد الهدنة الإنسانية أربع ساعات إضافية.
هدنةٌ كانت مناسبة لانتشال المزيد من جثث الشهداء من تحت الأنقاض. وباستثناء هذا التمديد، لم يصدر أيّ إنجاز ملموس للمفاوضات الجارية في باريس بين وزراء خارجية قطر، تركيا، الولايات المتحدة، وعددٍ من الدول الأوروبية.
وفيما غزّة تعيش آلامها، تدور معارك عنيفة بين “الدولة الإسلامية” وقوات النظام في سوريا. معارك يبدو هدفها ترسيمَ الحدود بين الطرفين، عبر القضاء على جيوب النظام في الرقة ثمّ دير الزور. أمّا في العراق، فبموازاة تهجير المسيحيين من الموصل، تنقضُّ الدولة الإسلامية على مقدّسات المسلمين أيضاً، وتفجّرُ مرقد النبي شيت، الذي يُعتبَر الابن الثالث لآدم وحواء، وذلك بعد يوم على تفجيرها مرقد النبي يونس.
لكنّ الفكر الداعشيّ، الذي ينبذ المختلفين معه في العقيدة الدينية، يبدو أقربَ إلينا ممّا نظنّ. إنّه قابع داخل الحكومة اللبنانية. فبعد تصريحات فاضحة بعنصريّتها لعدد من الوزراء، جاء دور وزير العمل سجعان قزي الذي نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام قولَه في ذكرى شهداء السريان ما حرفيّته: “جرّبنا كل اشكال الحياة المشتركة، الدولةَ الواحدة، المنطقة الواحدة، القرية الواحدة، فماذا جنينا من كل هذه التجارب منذ الف وأربعمائة سنة؛ جلجلتنا بدأت عام 632 ولا نزال حتى اليوم، وما لم يأخذوه في زمن الفتوحات، يريدون أخذه في زمن الثورات”.
حتّى الساعة، لم يصدر أيّ توضيح لهذا الكلام. كما لم يصدر أيّ تعليق رسميّ عليه، رغم أنّه كلام يستعيد أسوأ أدبيّات الحرب الأهليّة، ويضرب أسُس الكيان اللبناني، وهو صادر عن وزير لحزب ممثّل بثلاثة وزراء في حكومة سُمِّيت “حكومة مصلحة وطنية”. فإلى أين يريد جرَّنا سجعان قزّي؟ وأيَّ شياطين يحاول إيقاظها؟ وهل يواجه بكلامه هذا مشروع “داعش” أم يلاقيه في منتصف الطريق؟ وهل تكفي بعد كلامه هذا دعوته إلى الشراكة مع المسلمين؟
مآسي اللبنانيين لا تقتصر على عالم السياسة. ففي مطار واغادوغو، مأساة من نوع آخر. مأساةُ انتظار أحبّة لن يعودوا.