هل تتحوّل الهدنة في عرسال إلى حلّ دائم؟ خلال الساعات الماضية، انسحبت أغلبيّة المسلحين من البلدة, وأجلي الجرحى إلى مستشفيات البقاع. ودخلت المساعدات الغذائية… الحلقة الأخيرة التي لا تزال محطّ تفاوض هي العسكريّون الأسرى.
بعض أهالي عرسال الناقمون لتركهم وحيدين وسط العاصفة، رفضوا حتى استقبالَ المساعدات الغذائية، قائلين إنّ ما يطلبونه من البلاد التي نسيَتْهم طويلاً، موقفٌ سياسي داعم، لا رغيفُ خبز.
وفيما كان ضباط الجيش وعناصره يخوضون المعارك في عرسال، كان الطاقم السياسي يطعنهم في الظهر. فتزامناً وتصريحات التضامن مع الجيش، كان الجميع يَبصم على حرمان العسكريين حقهم في سلسلة الرتب والرواتب, عبر الموافقة على قرار وزير التربية توزيع الإفادات على الطلاب، ما يحرِم هيئة التنسيق النقابية أوراق ضغطها.
فضيحة أخرى كشفت عنها منظمة “هيومن رايتس ووتش ، فصيحات التضامن مع غزّة التي أطلقها المسؤولون اللبنانيون تزامنت هي الأخرى مع إجراءات قمعية على الحدود تجاه النازحين الفلسطينيين من سوريا.
سياسة إغلاق الأبواب والترحيلِ القسري تَشاركَ لبنان والأردن والعراق في تطبيقها، وفقاً للمنظمة الدولية.
أما في العراق، ففضيحة من نوع آخر. التهجير القسري للمسيحيين والإيزيديين متواصل. وإذا كان تقهقر الجيش العراقي في الموصل، أدّى إلى تهجير مسيحيي المدينة، فإنّ قوّات البشمركة الكردية هي التي تتراجع الآن أمام مسلحي الدولة الإسلامية الذين سيطروا على بلدة قره قوش، أكبر البلدات المسيحية في العراق.
ومن الديمان رفع بطاركة الشرق الصوت ضدّ إفراغ الموصل وسهل نينوى من مسيحيّيه، وعبّروا عن أسفهم لبقاء الموقف الإسلامي والعربي والدولي ضعيفاً وخجولاً وغير كافٍ، لا يعكس خطورة هذه الظاهرة, وتداعياتها على التنوّع الديموغرافي التاريخي لشعوب المنطقة.