كل التسويات والصفقات الملتوية، مطروحة ومقبولة بالنسبة إلى فريق التعطيل الحكومي… إلا تطبيق القانون فهو مرفوض ومرذول وغير مسموح البحث فيه… في موضوع عرسال، مثلا، تحايلوا على أهلها وكذبوا على الرأي العام وسربوا مسرحيات حول سيطرة مزعومة لدولة موهومة وحول انتشار لقواها… فيما الحقيقة أن البلدة محتلة، وأن أبناءها رهائن، وأن الإرهاب يصول ويجول في أحيائها وبين بيوتها، يخطف هذا ويقتل ذاك ويهدد شعبا آمنا… لكن المهم بالنسبة إلى “نيرونات” حكومة المصلحة السلطوية، أن تظل عرسال مستباحة للضغط على دمشق، حتى ولو أدى ذلك إلى إحراق بيروت… الوضع نفسه، بالنسبة إلى قيادة الجيش. جاؤوا بداية يطرحون مخالفة قانون الدفاع الوطني، على طريقة: “فليتقاعد فلان، يمكن أن نستدعيه لاحقا من الاحتياط”. ولما رفضت المخالفة، حاول أحدهم التذاكي أكثر، وقال: “فليتقاعد، ولينتقل إلى السياسية، فنعينه وزيرا، تماما كما حصل معي”. فرفضت التهريبة المهينة مرة ثانية. حتى جاء الطرح الثالث القديم الجديد: فلنمدد لمجموعة ضباط: ستة، أو عشرة، أو اثنا عشر ضابطا… ندوس القانون، ونبهدل البدلة، ونهين الرمز، لكن نستمر في ثقافتنا الصفقاتية… هكذا يتأكد يوما بعد يوم، أن مشكلتهم مع لبنان منذ ربع قرن، أو منذ نعومة طائفهم، أنهم لم يدركوا بعد أن هناك شعبا، هاجسه “القانون والدستور، التوازن والميثاق. لا الصفقات ولا المكرمات. لا المناصب ولا الأشخاص”… كل مشكلتهم، أنهم منذ ربع قرن، يحاولون إسقاط ثقافة غير لبنانية على لبنان. كل مشكلتهم أنهم لم يتلبننوا، وأنهم لا يزالون ينظرون إلى الوطن، وكأنه محطة وقود. تماما مثل تلك المحطات الألف المخالفة للقانون، القنابل الموقوتة على طرقاتنا وبين بيوتنا، والتي يغطيها مسؤول كبير، أو ينتفع منها موظف صغير.