كان يفترض أن نبدأ نشرتنا بكل فطر وأنتم بخير. وكان يفترض أن نستهلها بصور أراجيح الأطفال وفرحة العيد وعجقة ما بعد الصيام… لكن دولة الزعران بدلت جدولنا ونشرتنا وأولوياتنا… دولة الزعران نفسها التي بدلت مواعيد جورج الريف، من عائد من المطار، إلى ذهاب إلى الموت غدراً وظلماً ووحشية… وبدلت صفة أولاده الأربعة، من منتظرين عودة أمٍ حنون، إلى يتامى مودعين لأبٍ مغدور… دولة الزعران نفسها التي وقفت تتفرج على وحشها يفترس ضحيته… وقفت مشلولة، لأنه هو الدولة، هو دولة الزعران، المحميُ المدعومُ المحصن والأقوى من القانون… لا عناصر المخفر القريب تحركوا… ولا حتى مرافقي الوزير تجرأوا… ولا العابرين ولا السكان ولا أي إنسان … وقفوا جميعاً يتفرجون على جورج يموت تحت سكين الوحش… لا لأنهم لا يعرفون جورج. بل لأنهم يعرفون الوحشَ الذي كان يصرعه. يعرفون أنه أقوى منهم كلهم… يعرفون من يحميه… يعرفون دولة الزعران التي خلفه… يعرفون كم مخفراً دخل، وكم نظارةً زار، وكم محكمة حضر … وكان في كل مرة يخرج منها إلى الحرية في دولة الزعران، فيما تدخل ضحاياه إلى قبور النسيان …اليوم، في عيد الفطر، يجب أن تنتهي هذه المأساة. أن تسقط دولة الزعران نهائياً … اليوم، كادت عيون أيتام جورج تصرخ، بالأسماء، إلى كل مسؤول: تقولون أنكم دولة؟ تفضلوا واقضوا على دولة الزعران، تحت طائلة أن تكونوا منهم، وتحت طائلة أن نسميهم … ونسميكم … فرداً فرداً..