بين ليلةٍ طال ضحاها أصبحت إيرانُ “إيرانيوم” وبعد محادثاتٍ خُصّبت على مدى أشهرٍ من الكلَلِ دونَ ملل خرج أبيضُ الدُّخانِ من ليلِ لوزان.. ليُعِلنَ اتفاقَ إطارٍ ستوضعُ فيه الصورةُ النهائية لبنودِ الاتفاقِ النوويِّ على مَسافةِ شهرينِ مِن نَيسان . مفاوضاتُ اللدودين(2) هي الأطولُ في التاريخ.. بدأت عامَ ثلاثةٍ وتسعين.. توقّفت غيرَ مرّة.. عُرقلت مرّات.. مالت مع رياحِ التغيير.. اهتزّت لكنّها لم تقع.. وبلغت نهايةَ خطِّ السباقِ بعد اثني عشَرَ عاماً.. وإنّ اللهَ معَ الصابرين . إيران سواءٌ مِلتَ معها أم عنها فاوضت كشعبٍ باسمِ دولة.. وفي خِطابِ النصرِ المبين فتح رئيسُها صفحةً جديدةً من التعاونِ معَ العالم.. ووضعَ عرَبةَ الاقتصادِ والتنميةِ على سكةِ رفعِ العقوبات.. فبادلَ تحيةَ الانفتاحِ بتحيةٍ أكبرَ منها . الولايات المتحدة التي وصفت الاتفاقَ بالتاريخيّ وقفت على مفترقِ خِيارَينِ معَ الجمهورية الإسلامية: إما الحرب وإما الاتفاق.. فاختارت أهونَ الشرّين . على صورةِ الاتفاق سيُنسجُ بِساطٌ لشرقٍ أوسطَ جديدٍ مغايرٍ لنموذجِ كوندوليزا رايس وفوضاها الخلاقة.. بِساطٌ بألوانٍ عجَميةٍ وخِيطانٍ متعددةِ الجنسية.. وأولى طلائعِه ستظهرُ في كامب ديفيد في قِمةِ قادةِ دولِ الخليجِ الستِّ الأعضاءِ في مجلسِ التعاونِ الخليجي وعلى هذا البِساطِ ستَنشأُ تحالفاتٌ جديدةٌ ستعوّمُ أدوارَ دولٍ كمِصرَ وتهمّشُ أخرى كإسرائيل.. وإن طمأنتْها واشنطن . في الردودِ أمَلت السُّعوديةُ أن يَجريَ الوصولُ إلى اتفاقٍ نهائيٍّ مُلزمٍ يُؤدّي إلى تعزيزِ الأمنِ والاستقرارِ في المِنطقةِ والعالم.. وفي الأملِ اعترافٌ بالاتفاق.. وفيهِ دعوةٌ إلى الرئيس باراك أوباما بأن يجترحَ الحلولَ من الأزمات العاصفةَ بالمِنطقة إذاً السعوديةُ تأمّلت خيراً.. تُركيا ودمشق رحّبتا.. أما إسرائيلُ فتأبّطت شراً.. لكنّها بعد التهديدِ بالهجومِ خَفَضَ رئيسُ مجلسِ وزرائِها سقفَه ووقفَ عند خط الدفاع لينتزعَ من إيران تعهداً بالكفِّ عن إطلاق التهديداتِ بتدميرِ إسرائيل . في استراحةِ المحاربين.. وصف كيري الصولاتِ والجولاتِ بالصعبةِ والمكثّفة.. مرةً عاطفية ومرةً صِدامية أما ظريف فعاد إلى موطنِه حيث استُقبل استقبالَ الفاتحين لعصرِ رفعِ العِقابِ التدريجيِّ ودخولِ بلادِه الناديَ النوويَّ السِّلمي لبنان توسّمَ خيراً.. وإن كانت أزْمتُه الأقلَّ تعقيداً فإنّ مجردَ الاتفاقِ هو خُطوةٌ مُهمةٌ وسيَقطِفُ ثمرةً من ثمارِ حلِّ الأزَمات في المِنطقة.. بحسَبِ رئيسِ مجلسِ النواب نبيه بري الذي أمسكَ عصا الأزْمةِ اليمنيةِ مِن وسَطِها فما بعدَ الاتفاق النووي ليس كما قبلَه بالأمس طَرح بري سلطنةَ عُمان وسيطاً لحلِّ الأزْمة.. وقال لها: بادري واستضيفي واليومَ حرّكت طرحَه “نَسمةُ” الاتفاقِ الإيرانيِّ الأميركي.. فأيّد التوجهَ السعوديَّ إلى حوارٍ تستضيفُه إحدى الدولِ الخليجية مؤكّداً أنّ من شأنِ التصعيدِ في اليمن تهديدَ أمنِ الخليجِ العربي.. وهو أمرٌ نريدُ جميعاً أن نتجنبَه ونتداركَه . وفي ظِلِّ تعطّشِ علي عبدالله صالح الى السلطة.. ولو على سيلِ الدم اليمَني.. ستُ حروبٍ خاضَها على الحوثيين.. وفي الحربِ السابعةِ اتّفق معهم.. وليس بعيداً أن ينقلِبَ عليهم.. وحينذاك هل مِن ناصرٍ يَنصُرُهم؟