كان لبنان غدا على مفترق خريطة طريقين الغلبة فيهما للغة الشارع لكن أربعاء غضب السائقين العموميين ووعدهم بقطع شرايين المدينة امتدادا إلى المحافظات على مساحة الوطن تلاشيا بعد تراجع الاتحاد العمالي العام واتحاد النقل البري عن الإضراب العام وتعليقه إثر اجتماع السرايا فسلم الأربعاء جدول أعماله في قطع الطريق لتحرك الحشد القواتي من كازينو لبنان مرورا ببكركي وصولا إلى معراب لم تشكل خطوة بشارة الأسمر ومعه بسام طليس مفاجأة كانت منتظرة فالاتحادان العام والبري يقيمان على كتف السلطة والتجارب معهما على مر التحركات تثبت أن كلمة السر دائما ما تصلهما من مراجعهما السياسية وبحسب ما جاء في قرار تعليق الإضراب قالبسام طليس إن رئيس الحكومة سيبدأ بدعم القطاع ابتداء من شهر كانون الأول وبالبنود التي جرى الاتفاق عليها في إجتماع اليوم لكنه أبقى على البنود سرية، أما رئيس الاتحاد بشارة الأسمر فأصر على تطبيق خطة النقل البري قائلا لقد جرى اتخاذ قرار رفع الدعم من دون وضع خطط بديلة وأشار إلى أن المطلوب من المعنيين القيام باجتماعات لتوفير الدعم لا لرفعه “انفخت” دف الإضراب وتفرقت الاتحادات عن عمالها والسائقين ورميت المشكلة شهرين إلى الأمام بالتكافل والتضامن بين أولياء الأمر النقابي والسياسي.
بالوعود فك صاعق أربعاء السائقين وعلى عدم المس بالزعامة الحزبية لرئيس حزب القوات اللبنانية فإن غدا لمعرابه قريب، مع إعلان تحرك جماهيري قواتي بمؤازرة من أهالي عين الرمانة لتشكيل درع بشرية بالتزامن مع موعد دعوة جعجع إلى المثول أمام المحقق فادي عقيقي، الحراك الشعبي غدا استبق اليوم بجولة لرأس الكنيسة المارونية على المقار الثلاثة، حيث رفع البطريرك الراعي مظلة الحماية ومن عين التينة استهجن استدعاء جعجع الى القضاء متسائلا أإذا قتل أنصار أو أعضاء من حزب معين نستدعي رئيسه؟ وأكد أن هناك خريطة طريق للحلول ولكن لا مقايضة بين حادثة الطيونة وانفجار المرفأ، وفي ختام جولته في بعبدا أعلن الراعي أن حل الأزمة قائم ودستوري وينتظر التنفيذ اعتبارا من صباح الغد مشيرا إلى أن الحل الذي جرى الاتفاق عليه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ينطلق من الدستور فيما رئيس الجمهورية رحب به ولم يبق إلا أن ننتظر أن يبدأ العمل مع المسؤولين وفي حال بدأت الحلول فمن الممكن الخروج من المأزق المتمثل في تعطيل الحكومة أو في نتائج الاحداث الاخيرة خاتما بالقول إن الحل لن يكون بالشارع ولا بالسلاح أو بفرض القوة وإن السياسة هي فن استباق الأحداث.
أطاح اتحادا العمال والنقل أربعاء الغضب لمزيد من الدرس وكأن امتحان الشهور الماضية مع معاناة السائقين وارتفاع أسعار المحروقات الجنوني لم يكن دليلا على أن هذه الفئة ومعها كل الشعب اللبناني قد انتقل من جهنم إلى بئس المصير أما جولة البطريرك الراعي المكوكية عشية استدعاء رئيس قوات اللبنانية فمصيرها معلق على الحل التوافقي للخروج من مأزق الطيونة عين الرمانة بين بكركي والرئاسات الثلاث وجعجع لن يمثل أمام القضاء وهو اختار الشارع لتدعيم جدران معراب بسلسلة بشرية في مواجهة القبضة القضائية وبهذه الحال يركن قائد القوات في نظارة وزراء تخلفوا عن العدالة وقدموا ارتيابا مشروعا.. وإذا كان الوزراء قد تحصنوا بالمجلس الاعلى فإن قائد القوات اللبنانية.. كان أعلى.