مجلس وحدة الارتباط والتنسيق الوزاري لم يختلف عن مجالس الحج وفيق .. فهناك “بنقبعو” وفي السرايا “بنبعتو عالبيت”، والحال واحدة تجاه جسم قضائي بتر سياسيا واستدعي إلى جلسة مساءلة وزارية تحت مبدأ “من عينهم يقيلهم” ولم يخف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا التوجه، وقالها بالفم الملآن أمام الإعلام وردا على سؤال عما إذا كانت الإقالة واردة وبينهم المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات أجاب ميقاتي: لا شيء غير وارد، ولا شيء يمنع والتلويح بالعزل القضائي جاء بمثابة هز العصا السياسية للقضاة بعدما أخفق مجلس الوزراء في إصدار ورقة جلب للأركان القضائية وأحال متابعة النزاع مع المصارف الى وزير العدل هنري خوري والوزير المختص الذي نسق مسار دعوة القضاة الى السرايا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عاد واستدرك مبدأ استقلالية القضاء ووجد في الاستدعاء إهانة قد تعكس ذيولها السلبية على فصل السلطات.
ولما كان الرئيس عون واحدا من الذين شجعوا على الحل الأول في حضور القضاة للاستماع إليهم في مجلس الوزراء ..عاد أيضا وأبدى ارتياحه الى الموقف الصادر عن المجلس في ما خص الحرص على استقلالية السلطة القضائية، وعدم التدخل في الشأن القضائي على أن يأخذ القانون مجراه من دون أي تمييز أو استنسابية، وحفظ حقوق الجميع وفي مقدمهم حقوق المودعين. لكن حقوق المودعين أصبحت بدورها شعارا سياسيا للحصاد الانتخابي المهدد بتعليقه على مشنقة مصرفية.
ولفت في هذا الإطار موقف رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي قال: نخشى أن يكون الهدف من هذه الإجراءات دفع المصارف إلى الإغلاق، ما يمنع إجراء الانتخابات في موعدها، لأنه سيتعذر على اللوائح فتح الحسابات وتحريكها في أثناء الحملة، في مسرحية سياسية قضائية ظاهرها الانتصار للحق والقانون، وباطنها تطيير الانتخابات”. والريبة التي زرعها جعجع تعد مشروعة لكن يضاف اليها كل أدوات الاستخدام الشعبي على خشبة المسرح الانتخابي. بالامس سقطت الميغاسنتر المعطلة ..وقبلها انزل إلى الألعاب البلهوانية صراع المغتربين، وما بين هذه الأسباب كان التدقيق الجنائي يطوف حول جهة واحدة باستثناء الوزارات أصل البلاء في الهدر والفساد وكلما سقطت أداة تعطيلة يجري تحوير أداة بديلة تعطل المرفأ بتحقيقاته ومصير حقيقة شهدائه وأغرق في الرد والتبليغات ورد الرد وانهال الكف تلو الكف على قاض واحد يعمل في هذه الجمهورية هو طارق البيطار.
ولأن ألعاب السحرة تستمر في ضروبها التعطيلة فلم تعدم وسيلة لإلهاء الناس وتسخر من الرأي العام عبر ابتداع هيئات رقابة ومحاسبة وإقرار قوانين لرفع السرية المصرفية وإنشاء هيئة مكافحة الفساد التي كان أحد أهم إنجازاتها اتخاذها الصورة التذكارية مع الرئيس نبيه بري.
إصلاح واحد لم يعثر عليه في جمهورية الفضاء الخارجي .. والتدقيق افتقد إلى شركته العالمية الفايرز اند مارسال التي خرجت ولم تعد وفي الجمهورية التركيبة .. ليس من لص سياسي واحد أدخل الى السجن… واستعاض القضاء عن هذا الفراغ باعتقال “النبي نشأت” بدلا من سياسيين ضائعين.
وإذا كان مجلس الوزراء لا يحق له تقليم أظافر القضاء والتدخل في شوؤنه فإن الجسم القضائي أيضا بات يطيب له العمل “بلا ركاب” ويعطي الإشارات للسلطة السياسية بطلب الحماية. ولم يكن مجلس السرايا ليقدم على هذه الخطوة لولا ذلك التنسيق مع الاركان السياسيين من حماة القضاة وأصبحت البلاد على هذه الحالة واقعة بيد القاضية غادة عون…