Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 2022/05/11

جنين صار اسمها شيرين, فدم صبية القدس وقارئة أحزانها روى مخيما تعرفه بنت كل فلسطين هي شيرين بو عاقلة.. التي رمت بآلة التصوير وتمددت رملا ونخيلا كانت ستوافينا بتفاصيل الخبر بعد قليل لكنها احتلت جدارية الخبر العاجل شيرين أبو عاقلة شهيدة. وهل قدر الفلسطينيين إلا أن يسقطوا شهداء؟

في الطريق إلى جنين أعدمت ميدانيا بجريمة مكتملة الأركان وبرصاصة من قناص صارت شاهدة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وبجسد ممدد على دمائه خمسة وعشرون عاما أمضتها على الشاشة كانت فيها شيرين أبو عاقلة نبض الضفة الذي لا يهدأ.. و”الحكواتية” التي تروي معاناة الفلسطينيين، من الشيخ جراح إلى جنين ونابلس ورام الله وكل فلسطين من قدسها إلى أقصاها لم تشفع لها خوذة الصحافة ولا سترتها الواقية.

وبجريمة حرب بكل المقاييس اغتالتها قوات الاحتلال ظنا منها أن شيرين ستنفذ عملية طعن بالصوت والصورة وأمام العدسات تعمد الاحتلال إطلاق النار مباشرة على الجسم الصحافي لمنع الإعلام من نقل الصورة وتوثيق الجرائم.

العدسات نفسها وثقت لحظة استشهاد شيرين وشهادات زملائها وشهود العيان لا لبس فيها، مهما حاول الاحتلال التغطية على الجريمة بإسنادها إلى رصاص طائش أو نيران مجهولة المصدر, لكن, لا الرصاصة طائشة، ولا هي مجهولة المصدر.

الخارجية الأميركية البلد الذي تحمل شيرين أبو عاقلة جنسيته، وإلى جانب حزنها الشديد، دانت ووصفت موت شيرين بالإهانة لحرية الإعلام في كل مكان، وطالبت بتحقيق فوري وشفاف وبمحاسبة المسؤولين عن مقتل الصحافية, والاتحاد الأوروبي عبر عن صدمته وطالب بتقديم الجناة إلى العدالة.

لكن الجريمة واضحة ولا تحتاج إلى محققين وللمجرم تاريخ حافل بارتكاب المجازر والجرائم منذ كفرياسين إلى محمد الدرة مرورا براشيل كوري الناشطة الأميركية التي دهستها جرافة عسكرية إسرائيلية حين وقفت بجسدها ضد هدم بيوت الفلسطينيين في غزة, وصولا إلى اغتيال شيرين أبو عاقلة.

وعلى مدى هذا التاريخ المكتوب بالجرائم من تجرأ على سوق إسرائيل إلى المحاكم وهذا الكيان يعيش خارج القانون وبحماية دولية؟

وأوضح صورة لهذا الكيان قدمها عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير الذي حيا الجيش الإسرائيلي وطالب بقتل كل الصحافيين.

وما يوازي فظاعة الجريمة أن ينصب القاتل نفسه محققا فيها ويقتحم منزل الشهيدة ودماؤها لا تزال على أسفلت فلسطين.

أمام العالم أجمع وعلى مرأى عرب التطبيع والسلطة الفلسطينية قتلت إسرائيل شيرين وكادت تمشي في جنازتها, فلهذه الجريمة لا تكفي بيانات الإدانة والاستنكار ودفن الرؤوس في الرمال, إذ ان كل يوم تقتل فلسطين وتستباح مقدساتها, وشيرين اليوم كانت صورة عن فلسطين وهي التي تربت في حارات القدس وبيت لحم, ألقت نظرتها الأخيرة على شوارع نابلس ورام الله ملفوفة بالكوفية الفلسطينية والعلم الفلسطيني محمولة على أكتاف المقاومين.

ووريت في تراب الأرض التي عشقت لتصير أيقونة فلسطين والمارة بين الكلمات العابرة  فهل من سيحرس ورد الشهداء “ليس سهلا ربما أن أغير الواقع.. لكنني على الأقل قدارة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم أنا شيرين أبو عاقلة“.