طويت صفحة الانتخابات.. ففتحت الأزمات دفاترها القديمة وبحاصل هو تحصيل للأزمة المعيشية عادت لطوابير إلى محطات المحروقات والأفران ومركز تعبئة قوارير الغاز ولأن استحقاق النيابة استهلك مخزون الفيول بالمكيول الانتخابي فالعتمة الشاملة آتية مع توقف المعامل عن إنتاج الطاقة.
أما الكسر الأعلى فناله الدولار بتخطيه عتبة الثلاثين ألفا “وأول دخولو” تراصفت التحديات في الطريق إلى المجلس النيابي الجديد الحرس القديم طالب بالابتعاد عن الخطاب التشنجي والالتفات إلى معالجة الأزمات فيما النواب الجدد دخلوا الندوة البرلمانية آمنين وعلى أكتافهم مسؤوليات مضاعفة وتركة من الفساد ثقيلة, لكنهم أصبحوا في صدارة التصدي لهموم الناس وتجيير الأصوات التي نالوها للصالح العام.
واستعدادا لهذه المرحلة علمت الجديد أن اجتماعا يعقد في هذه الأثناء لأربعة عشر نائبا من قوى التغيير والثورة في أحد فنادق بيروت بهدف تأليف كتلة نيابية تخوض الاستحقاقات المسقبلية بموقف موحد وفي مقدمها انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائب الرئيس والمشاورات الملزمة لتشكيل الحكومة لاحقا.
وفي المجلس النيابي الجديد خلط أوراق وتحالفات، استحقاق أيار أصدر ورقة “النعوة” لاصطفافات آذار وأعاد ترسيم الأحجام السياسية بقيمة مضافة للتغييريين وثبت بالوجه الشرعي في بيروت وطرابلس وعكار وصيدا أن الصوت السني بخير وأن انتفاضة السنة بدليل ابراهيم منيمنة وعبد الرحمن البزري وأسامة سعد نجحت في وجه رموز ترشحت لإعادتهم إلى بيت الطاعة.
وفي عملية ضم وفرز للنتائج عاد وليد جنبلاط بيضة القبان وشعار الدفاع عن حقوق المسيحيين ما عاد حكرا على رئيس التيار جبران باسيل حيث سيدلي سمير جعجع بدلوه النيابية في مؤتمر معراب غدا.
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فلولا الإرادة الشعبية لما ترشح وخلافا للارادة النيابية فلا شريك مضاربا له لرئاسة المجلس العتيد وعلى عرف احتكار الطوائف للرئاسات الثلاث، فإن على النواب التغييريين والمستقلين مسؤولية مضاعفة في كسر هذه الأعراف وخوض معركة الشخص المناسب في المكان المناسب الى أي طائفة انتمى.
وبتجربة عابرة للطوائف فإن جاد غصن نموذجا يحتذى هو الأعزل إلا من المواقف الثابتة تحدى محادل السلطة السياسية والطائفية وسجل فوزا معنويا متسلحا بمواقفه لا بملايين الدولارات.
وأمام خطابات النصر والهزيمة كان رئيس تيار المردة الأصدق في التوصيف ورحم الله امرأ عرف حاصله فوقف عنده فبصراحته المعهودة قال فرنجية “كتر خير الله زمطنا بريشنا”, وعند البطون تضيع العقول. وإذ وصف الانتخابات بالمعركة الغريبة والعجيبة. اعترف بتراجع الشعبية خمسة عشر في المئة في زغرتا، وتقبل فوز قوى التغيير بالقول إنهم ليسوا بخصوم.
داعيا إياهم إلى مقاربة الواقع بعيدا من المثاليات والانفتاح وعدم المناورة اتبع فرنجية سياسة اليد الممدودة الى قوى التغيير في بادرة تتخطى الاستحقاق النيابي إلى الاستحقاقين الحكومي والرئاسي.
نجح التغييريون في صناديق الاقتراع وأصبحوا صوت التشرينيين في ساحة النجمة والصوت التشريعي بحاجة إلى ظهير في الشارع كما يحصل في سيريلانكا ففي البلد الآسيوي الذي يعيش أزمة مشابهة للأزمة اللبنانية هاجم الشعب بيوت المسؤولين وأحرقوا مكاتبهم وقال القضاء كلمته إذ قررت محكمة كولومبو فرض حظر سفر على رئيس الوزراء بعد استقالته اضافة الى ستة عشر سياسيا آخرين إلى الخارج فهل يستورد لبنان التجربة السيلانية؟.