لا يلغي المرسوم سوى مراسيم جدل أخرى تشغل اللبنانين عن البحث في “جنس” المجنسين، وغير الملائكة من السياسيين.
فضجة المرسوم اللقيط لم تخمد إلا بأزمة أرفع شأنا، وقد وجد وزير الخارجية جبران باسيل أن أهم هذه الأزمات ما يتصل بالنزاع مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. كان حلا في محله، وسقط في البقعة الزمنية المناسبة، وعلى قضية وطنية- أممية بحجم وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح في لبنان، يتعرضون لحالة هلع دولية. وإنذار وزير الخارجية للبعثة الأممية، جاء على مستوى القلق الذي تسببت به المفوضية للنازحين، وثنيهم عن العودة إلى سوريا غير الآمنة بحسب تقديراتهم. فطبق باسيل نظام العقوبات على مؤسسة بدا أنها استخدمت معايير سياسية متحيزة.
لكن جزءا من فريق “المستقبل” نظر إلى قرار باسيل على أنه أحادي الجانب، وقال وزير شؤون النازحين معين المرعبي: إنها خطوة دنيئة وغير جريئة لكونها تمس أرواح الناس. ودعا المرعبي باسيل إلى أن يستكمل بعثاته صوب المريخ، وقال إن على الموظفين في الخارجية ألا يستجيبوا لهذا القرار لأنه غير شرعي وقد يطالهم قانونا. لكن هل يمثل كلام المرعبي وبعض المستشارين رأي رئيس الحكومة سعد الحريري؟.
أيا كان موقف الحريري فإنه يمثل الدولة رسميا، وفي سياسة رجال الدولة فإنه لن يذهب إلى اصطدام بالأمم المتحدة ويعرض لبنان لأي عقوبات دولية محتملة، والحل يكمن في أن ينأى الحريري بنفسه عن أفعال وزير الخارجية، ويدعي أن لديه وزيرا يتخذ قرارات متهورة حتى لا يأخذ الدولة اللبنانية إلى صراع مع الأمم، لكنه في عمق قراراته غير المعلنة، سيوافق على خطوة جبران باسيل، ويثمن الإجراءات التأنيبية المتخذة في حق المفوضية.
أزمة الخارجية والمفوضية مسحت إذن الدموع عن مرسوم الجنسية. وهناك مرسوم آخر في الاحيتاط إذا دعت الحاجة، وعنوانه توقيع وزير المال على مرسوم القناصل الفخريين، وبشهادة وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور، الابن الشرعي لوزراء خارجية الرئيس نبيه بري، فإن توقيع وزير المال هنا غير ضروري، لكن الوزير علي حسن خليل أعلن أن هذا الفعل لن يمر، ودعا إلى العودة عن الخطأ وتصحيحه، قائلا إنه سيواجه حتى النهاية.
وفي مقابل هذا التحدي، فإن مصدرا عدليا وزاريا مقربا إلى قصر بعبدا، وهو مصدر سليم ومعافى، رفع مستوى التحدي وقال لوزير المال: نتحداك أن ترينا بندا واحدا من أبواب الإنفاق أو من أبواب الإيراد في موازنة وزارة المال رصدت للقناصل الفخريين.