ترقبوا بيانا هاما بعد لحظات، وإذ بالبيان لا يساوي الحبر الذي كتب فيه. للوهلة الأولى ظن اللبنانيون انه “إجا الفرج” ورئيس الجمهورية ميشال عون أعلن النفير العام وسيطل عليهم ويقول: “يا شعب لبنان اليتيم.. أنا بي الكل” اعلن حال الطوارئ لوقف الانهيار وسنؤلف حكومة ترضي الناس ولا تقف على خاطر الصهر وسنطفئ نيران جهنم بالعمل الدؤوب لمواجهة الأزمات كل الأزمات ونبقي اجتماعاتنا مفتوحة حتى الوصول إلى حلول ومما تبقى من عمر العهد سأضرب بيد من إصلاح وتغيير وسألاحق الفاسدين حتى غرف نومهم وأفتح أبواب السجون لكل من أوصل البلاد إلى حال رثى حالها الداخل والخارج وتقف على أبواب الدول تتسول العون وفتات المساعدات. ولكن ما كل ما يتمناه اللبناني يدركه ومن قصر “صح النوم” صدر بيان عن مطبخ المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية لا عن رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه ومن يدري قد يكون الرئيس نفسه لا علم له بمكونات الطبخة لكثرة الفتاوى والاجتهادات والتحليلات والقرارات كالتوابل في القصر، لكن المؤكد وبحبر البيان أن طابخ السم آكله وأنه لم يضع النقاط على الحروف بل هو لعب على حبال اللغة ورمى علاة الكتبة على الآخرين من سياسيين وإعلاميين.
ومن اقوال عون المأثورة اليوم إن بعض السياسيين والإعلاميين وصل بإساءاته إلى حد التحريض وإثارة النعرات الطائفية خدمة لأهداف جهات تقف وراءهم داخل لبنان وخارجه لضرب الاستقرار. لكنه لم يسم الأشياء بأسمائها وفضح تلك الجهات حماية للاستقرار الهش. وإلى الهامش الأضيق من ذلك أليس رئيس الجمهورية نفسه هو من لعب على وتر النعرة الطائفية حين صادر مرسوم تعيين حراس الأحراج لغلبة العدد المسلم على العدد المسيحي؟ ولغة التحريض الطائفي باتت شعارا معتمدا لعون وتياره في التعاطي بالشأن العام وفي التعيينات وفي ربط التيار الكهربائي بسلعاتا وإلا لا كهرباء.
وقال عون إن كل ما لا يصدر عنه من مواقف هو مزيج من الافتراء والكذب ولا يمكن الاعتداد به مطلقا ولكن من أطلق التحذير من الفراغ؟ وطرح فرضية البقاء في بعبدا منعا للوقوع في الفراغين؟. نبه عون من النوايا الخبيثة والتحريض واستهداف أمن البلاد والبلاد نفسها لم تشهد عهدا في انعدام الأمن على أشكاله كما شهدت في عهد أما الجرائم الكبرى المرتكبة في حقوق اللبنانيين فقد كان عون شاهدا عليها بالأصالة كما كان وزراؤه وتياره شهود زور بالوكالة في الحكومات المتعاقبة.
وفي أم المعارك لتشكيل الحكومة قال عون بضرورة المحافظة على الشراكة الوطنية والميثاقية وهذا يعني اننا سنبقى بلا حكومة لانها لم تؤمن ميثاقية جبران الشهيرة. فهل تتحقق الشراكة بالقفز فوق الدستور؟ وهل بميثاقية باسيل وخوضه حروب المكاسب وجشع المناصب واتخاذ المسيحيين رهينة والسعي للاستئثار بالمواقع والوظائف تحفظ الشراكة والميثاقية؟
والجرم الاخطر في بيان الرئيس انه اخبرنا التزامه بالدستور لكنه لم يحسم بشكل مطلق مغادرته القصر ليل ٣١ تشرين .. وربما يفتي له “عفريت القصر” في تلك الليلة ان بقاءه في بعبدا هو الدستور بعينه.
قال عون إنه طوال سنوات حكمه مارس صلاحياته ولم ينكث بقسمه وعلى ما يبدو فهم الصلاحيات من منطلق التعطيل إذ سجل عهده عامين من أصل ستة في تعطيل الحكومات ونكث بقسمه في حماية شعب لبنان بأن قال له غداة انتفاضة تشرين “اللي مش عاجبو يفل”. واخيرا فان أولاد الحرام الواردين في بيان فخامة الرئيس.. حكما ليسوا من عامة الشعب ولا الاعلاميين. والعثور عليهم سهل واقرب الى حبل الوريد قد يكونوا على شكل صهر او مستشار او فقيه دستوري او مرشد سياحي من حواشي القصر.