وأقرينا موازنة طائرة.. نفقاتها أصبحت في قنوات الصرف الصحي.. ومليارتها بلاستيكية.. وأرقامها صدقت في أيلول لعام في فصله الأخير وعلى وقع دعسات العسكر في الهجوم والدفاع، خرجت الموازنة من فم التنين وأقرت بثلاثة وستين صوتا ومعارضة سبعة وثلاثين وامتناع ستة نواب وبنت الموازنة أرقام وارداتها على احتساب الدولار الجمركي خمسة عشر ألف ليرة كما تبناه الرئيس نجيب ميقاتي.
لكن الجمركة السياسية كانت تدار تحت سقف المجلس في كل اتجاه، وسط مزايدات حزبية لاسيما بين التيار والقوات وقد أمن التيار أصواتا للموازنة بالشراكة مع أمل وحزب الله وعدد من النواب السنة لاسيما حلفاء ميقاتي فيما تولى النائب علي حسن خليل القيام بدور وزير المالية الاصيل عازلا الوكيل يوسف الخليل تمهيدا لفصله في الحكومة الجديدة ولم يأتي العجز في الموازنة فحسب، إنما سجلت الجلسة عجزا في الموازين السياسية التي زايدت على بعضها بما سمته الشعبوية.
وهي حال القوات والتيار الذي سأل رئيسه جبران باسيل الرئيس نبيه بري: “اللي صوت عالمادة بند بند وكان مع.. وبالاخر صوت ضد هيدا كيف منحسبو؟ وكان باسيل بذلك يضرب على انفصام نواب القوات داخل الجلسة لكن النائب جورج عدوان رد بالنفي المنفصم بدوره.
لكن الاوصاف التي أطلقها النواب على الموازنة لم تكن ظالمة فالمجلس أقر فعلا موازنة بأرقام وهمية وغير إصلاحية إرتجال في الايرادات والواردات والضرائب وزيرها مغيب وممنوع من الصرف ورأسمالها الإحالة للاستعمال “كدفتر دكنجي” ومسارها يؤكد أنها موازنة: رجاع لقدام وقدم لورا” ولم تكن فوضى التصويت بأفضل حال حيث اشتدت أواصر الخصوم، فسبح تيار جبران في جزيرة الأرانب متأثرا بالرئيس نبيه بري والتقى خط التيار مع أمل.. فيما “مسك” حزب الله الواجب مع الطرفين وعاونه نجيب ميقاتي بالنواب السنة, اما كتلة جنبلاط فقد توزعت بين الطرفين كبيضة قبان.
وبعد الموازنة يتم تقبل التهاني في بعبدا لكن على نية الحكومة الجديدة المبنية على طاقم قديم.
وفيما تردد ان لقاء عون ميقاتي المقبل سيسوي الخلافات الوزارية برزت مطالب مستجدة قد تربط التشكيل بحزمة شروط تتصل بالتعيينات، ومرسوم التجنيس وربما تمتد الى المطالبة بقبع رؤوس مارونية من الفئة الاولى.
فهل سيتجيب ميقاتي لشروط جبران باسيل تجنبا لما سمى الفوضى الدستورية؟