صراع العروش يأخذ مداه بمقايضة رئاسية حكومية لم تسفر حتى الآن إلا عن حصار التأليف بشروط وتعقيدات فالأيام العشرة الأخيرة من عهد العهد تحفر في صخر الحكومة سعيا لولادة واحدة تملأ الفراغ بالصلاحيات المناسبة..
لكن الدخان الأبيض مستبعد على الرغم من توسيع ظاهرة الوسطاء وأفضى اجتماع ثلاثي اليوم إلى إطلاق النفير الحكومي، قبل أن يتبين أن الشروط ارتفعت أكثر فأكثر.
وفي معلومات الجديد أن لقاء جمع بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل واللواء عباس إبراهيم والحاج وفيق صفا في مكاتب تكتل لبنان القوي لكن باسيل اشترط للتأليف ألا يشمل التعديل الوزاري اسم وزير الطاقة وليد فياض، وبقي مصرا على تعديل يطال ثلاثة وزراء مسيحيين هم: عبدالله بوحبيب ونجلا الرياشي ووليد نصار.
والسخرية أن باسيل يكدس الشروط، لكنه لن يمنح الحكومة الثقة.. وهو يبلغ كل من يلتقيه هذا الموقف لكونه يتحضر لتزعم جبهة معارضة في الفراغ وقد ركب باسيل أعلى ما في خيله، مصعدا منذ الآن ومعلنا للجزيرة أنه إذا لم تتشكل حكومة جديدة فنحن ذاهبون إلى أبعد من فوضى دستورية واجتماعية.
وفي رسم للصورة الآنية التي يسير وفقها رئيس التيار, فإن جبران يعطل التأليف وإذا وافق على التشكيل فهو يريد ثلثا معطلا وتسمية وزراء مسيحيين بحق حصري, وليس مستعدا في المقابل لدفع الجزية ومنح الحكومة الثقة, إنما راقت له فكرة الهوبرة بالمعارضة وإن على خراب وفوضى، لم تعد دستورية فقط بل تعدتها إلى الفوضى الاجتماعية.
وإذا ما انتظرنا انتهاء الأيام العشرة فقد نجد جبران باسيل وقد زنر نفسه بأحزمة اجتماعية ناسفة وفي الرئاسة يعود نجم الورقة البيضاء إلى الصعود غدا في جلسة انتخاب الرئيس إذا تأمن نصابها وعشيتها ترميم لتكتل نواب التغيير في اجتماع مطول بعيدا عن الإعلام والتغييرون لم يلتقوا على الرئاسة فقط بل على مجمل القضايا التي هزت كيانهم السياسي وتسببت بانشقاقات.
لكن تاريخ انطلاقتهم منذ جلسة انتخاب اللجان الأولى كان يؤشر إلى أنهم مكون نجح في إحداث القلق للسلطة، وسحب توافقها الدائم إلى فرض إجراء الانتخابات, وحتى جلسة الأمس فإن تكتل ال13 اتخذ قرارا جريئا بالترشح والتوزع في اللجان، وإن خسر هذه المعركة, لأن الربح فيها سيعني أن نواب الثورة أجروا تحالفات من تحت الطاولات السياسية وأحزابها.
ولغاية لحظة الترشح كان التنسيق يسير وفق رؤية تغييرية محصنة عن توغل السلطات، قبل أن ينزلق التغييرون إلى منافسات ومعارك وحروب تشبه آلاعيب السلطة, ويتبادلون على وسائل التواصل نشر الغسيل والاتهامات التي لا تشبه نوابا خرجوا من رحم تشرين.
وبعد التصفيق لنجاحهم وخطواتهم, أصبحوا أمام الصفعات من الرأي العام, وهنا لا بد لهم من صعقة سياسية وطنية اجتماعية تعيد إليهم الاتزان وتجلسهم على مقاعدهم, فهم يمثلون شارعا وثورة وتضحيات الساحات, وليس لهم أن يجازفوا بمصير مكون هو الأول من نوعه الذي يخرق عفن السلطات, فأمامهم غدا بحر من القضايا التي تنتظر تصويتهم ومواقفهم, ولن تكون جلسة الغد الفارغة من رئيسها وربما نصابها، آخر المهمات فهل ينفرط عقدهم.. أم ينهضون من خلافاتهم ليكونوا على العهد ومع كتابة آخر سطور العهد؟
وابتداء من الليلة ولمدة ستة أسابيع، يقلب الزميل فراس حاطوم في صفحات رئاسية، بعدما تحولت حكاية وصول ميشال عون إلى القصر من نهاية سعيدة إلى رحلة مثيرة، إلى مجرد بداية لرحلة انتهت إلى ما انتهت إليه.
وفي الحلقة الأولى من وثائقي “هذا عهدي” التي تشاهدونها في التاسعة والنصف مساء، تشرح شخصيات سياسية وصحافية واكبت المرحلة كيف تحول ميشال عون فجأة من المرشح الذي لا يريده أحد، إلى مرشح الأضداد.. ولماذا، وهل ساعده فرنجية من دون أن يقصد في الوصول إلى قصر بعبدا.