Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأحد في 08/01/2023

نَقّلَ الأسى أثقالَهُ من بيروت إلى كفرون السورية، في موكِبِ الآلام، أبٌ وأمٌّ وعمّات ومُحبّون كانوا ودائعَ حبٍّ لجورج وسوف في مَصابِهِ بفُقدانِ إبنِه، وفي الموكِب، كان الوسوف.. سلطاناً على حزنِه، وضابطاً لايقاعِه، وبوصيتِه الحُبّية، مَنعَ إطلاقَ الرصاص في مراسِمِ التشييع، وطلبَ إلى أهلِ قريتِه ضبْطَ النفْس عن بارودِها واستبدالَ النارِ بالدمع، وعلى سُلّمٍ موسيقي وأغنياتِ جورج وسوف المُعَدّةِ للرحيلِ والغربة والفُراق.. سَلّمَ الأهل بالقَدَر وساروا في موكِبِ التشييعِ البعيد حيث ووري وديع في مَسقِطِ الحبِّ الأول.. كفرون، وبالأبيضِ الخشبي زُفَّ وديع عريساً إلى السماء، تاركاً على الأرض جَمراتٍ في صدرِ الأب.. وحسراتٍ في عيونِ الأم شاليمار.. سيدةِ الصبر وتحمُّلِ قَسوةِ القدَر،، انتهى التشييع، لكنّه لم يُنْهِ أبو وديع، الرجلِ الذي تحوّلَ رمزاً وأسطورةً في الحزن.. كما كان أسطورةَ النغَم، ومَا يُواسيهِ اليوم، أنّ الناسَ كانت سنداً.. مُحبّون، فنانون سوريون ولبنانيون شكّلوا جداراً على جسرِ الألم.. فكانوا الوفاءَ في يومِ الفُراق.

واللبنانيون الذين توافَدوا للتعزية، إنما ليسوا في غُربةٍ عن تعازيهم اليومية في كلِ مفاصلِ الحياة، لكنْ كلُ معاني المواساة لا تُوفِي السياسيينَ حقَّهم.. وهم يُمعِنونَ في تعذيبِ الشعب وضربِهِ على الرَغمِ من آلامِه، وحجْبِ النورِ عن أيامِه، وبالكهرّباء.. سيُعذِّب المسؤولونَ المواطنين أسبوعاً آخَر وربما أسابيع، وهم يَنظرون إلى عُرضِ البحر.. فيشاهدون سُفناً تَحمِلُ التيار، ويَتِمُّ صعقُها بالتيار، هذه الجدليةُ ستَستأنفُ أعمالَها بعدما عادَ رئيسُ حكومةِ تصريفِ الأعمال نجيب ميقاتي من عطلةِ الأعياد، ونَسترجِعُ نغمةَ تبادلِ الاتهاماتِ في المسؤولية عن بواخرِ الكهرَباء، والتي يتحمّلُها حصراً.. مَن أوصى بقدومِها من دونِ فتحِ اعتماد.

لكنْ ما موقفُ حزبِ الله من هذه الإشكالية، وهل سيَدعم الرئيس ميقاتي إذا ما أقدمَ على جلسةٍ حكوميةٍ ثانية؟ يُطرح هذا التساؤل من موقفٍ لافت أدرجته قناةُ المنار بالأمس في إطارِ تأنيبِ المسؤولين عن استمرارِ نهجِ العتَمة.. وقالت إن ساعةً كهرَبائية واحدة باتتْ بالنسبةِ إلى المواطن أهمَّ من كلِ اجتهاداتِكم ومناكفاتِكم السياسية والميثاقية واحترامِ الدُستور واتفاقِ الطائف، وكلِ المسمّياتِ الموضوعة زُوراً كحاجزٍ بينَ المواطن وبعضِ حقِّه في الكهرَباء والماء وعجلةِ الحياة.. وكفى لَعِباً على خطوطِ توتّرِها العالي. فإلى مَن يقولُ الحزبُ كفى؟ ومَن هو صاحبُ الميثاقيةِ والمناكفات والاجتهادات سِوى جبران باسيل؟ وهل سيُشكِّلُ الحزب قوّةَ إسنادٍ وِزاري لعقدِ جلسةٍ لمجلسِ الوزراء؟ وإذا فعل، كيف سيؤثّر هذا الأمر على العلاقةِ السياسية والتفاهم والرئاسة.