IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 2023/01/11

يتقبل الدستور واجب العزاء بفقدانه روح ميثاقه دولة الرئيس حسين الحسيني فعن عمر يناهز وثيقة العيش الواحد وشرعة الحقوق وزمنا سلم الحرب إلى السلام،

رحل سيد الشرائع وباني الشرعية هو الدولة في هيئة رجل, صاغ هوية لبنان وأسس لعمارة مدنية..

وعلى زمن المليشيات والقتال كان محاربا شرعا من دون إطلاق رصاصة واحدة السيد حسين..

المفاوض المحارب التشريعي الرئيس..

الرجل الذي ارتدى عام ثمانية وثمانين ثوب الصائغ ومشى على النار لتثبيت وقف إطلاقها, فكان دائرة تفاوض وغرفة عمليات وراعي بنود وثيقة الوفاق التي صيغت في لبنان وأبرمت في الطائف سباق الخيل والليل تعرفه..

عندما كانت بيروت بشطرين ولغتين سياسيتين.. فسار بها الى اتفاق أخمد جمرها من دون أن تتلوث يداه بآثام الحرب ودمائها،

ومن دون أن تثبت له أية انحاءات سياسية. على توقيت المحاور كان محورا للقانون والاعتدال والمساواة بين الطوائف، وهو أدرج عقيدته في المواد الدستورية رافضا تجاوز النص قيد أنملة، معلنا استقالته من مجلس النواب عام الفين وثمانية..

ورمى كتاب الاستقالة في وجه جلسة الثقة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة اتخذ قراره ذاك عندما أصبحت الأثقال كبيرة في تجاوز الدستور وكسر عتباته.. والقفز عليه من منصة الدوحة ثم تجريمه بقانون انتخاب شيطاني هجين لا يشبه كل ما اتفق عليه في الطائف…

مات الرئيس حسين الحسيني.. وهو يراقب بحرقة موت الطائف بندا بندا.. وتلوين مواده بالمسحوق السياسي القاتل للدساتير…
مات سيد الطائف ومخزن أسراره.. والقابض على مفاتيح تفاهماته ونصوصه.. رافضا أن يفتح دفاتر الأيام السعودية في الربوع اللبنانية لأنه لو فعل لقامت الحرب من جديد ما أغناه..

وما أفقر بقية لن تأتي هو المعارض الذي اتفقت عليه دول وكيانات..

أنزلته من رئاسة المجلس لتبدأ بتشريع مرحلة حكم قادة الحرب في زمن السلم..

حورب في القانون الانتخابي حتى فرض عليه أن يبعد نفسه ما أقواه وما أضعف خصومه..

ظل حارسا للدستور حتى رمقه الأخير.. مدافعا وشارحا النصوص والمفاهيم والمبادىء قائلا بالفم الدستوري الملآن لجميع المعطلين: لا فراغ في السلطة وهو استقى المفاهيم من روح الشريعة ومن ظل الإمام المغيب موسى الصدر الذي كان رفيق أول الدرب.. ومعا شكلا حركة المحرومين.. ليصبح هناك “أمل”…

ولكن رئاسته لحركة أمل لم تدم طويلا .. ليصبح الحسيني نفسه من المحرومين السياسيين بعد ظهور نجم الرئيس نبيه بري وبدء مراحل التنكيل عزاؤنا .. انه ترك لنا فكرا وعدلا سياسيا ونهجا وصيغة وفاق وطني .. لكن هذا الارث لا يحمله سوى رجال الدولة .. فأين نحن منهم ؟ وهم الآن يتحاربون بإسم الدستور ويزورن التاريخ بذريعة  الميثاق ويقتلون الحسيني مرتين عندما يدعون الحزن على رحيله.