انزال قضائي على اسرائيل، وكومندوس من فرق الجنود والطيارين واشباح الفضاء، يحلقون على الارض في اوسع احتجاجات وتظاهرات من نوعها تطوق اجتماعات الكنيست غدا فمئات الالاف اصبحوا في الشارع منذ يوم امس وهم يعتزمون المبيت في العراء من المدن الى محيط الكنيست مع بدء التصويت يوم الإثنين على مشروع قانون يحد من صلاحيات المحكمة العليا في إبطال قرارات حكومية أو وزارية وهو ما بات يعرف ب”حجة المعقولية”، وفي ترجمة لهذه التعديلات ان بنيامين نتناهو يقترح قيودا على المحاكم واطلاق اليد السياسية في تعيين القضاة وتتيح الاجراءات الثورية في القضاء لنتياهو واخرين من القيادات المتهمة بالفساد الهروب من المحاكمة، لكن هذا ما يعتبره الشارع الاسرائيلي باللغة اللبنانية “الابراء المستحيل”، واللا معقول يسود الكيان ويسارع معه وزير الحرب يوآف غالانت الى ترسيخ اتفاق على التعديلات القضائية متجنبا المزيد من الانقسام بين الجيش والقيادة السياسية، لكنه حتى الان خلص الى استنتاج ان الوضع في اسرائيل مقلق للغاية، فالمؤسسة العسكرية في اسرائيل ستكون اول المتضررين والحماية الممنوحة بالبراءة الى قيادات سياسية سيكون نقيضها في الجيش وملحقاته ونقل عن رئيس الاركان تأكيده وجود ضرر حقيقي على كفاءة الجيش خلال ثمان واربعين ساعة إذا مررت التعديلات القضائية.
ومع اعلان عشرات الآلاف رفضهم الانضمام الى الخدمة، أيد رؤساء سابقون لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي وجهازي الموساد والشاباك الامتناع عن التطوع في الخدمة العسكرية الاحتياطية وحذروا من أن ما تقوم به حكومة نتنياهو خطر للغاية على النسيج الاجتماعي في إسرائيل، ومن شأنه شق صف الجيش والشعب الذي ستنقصه فقط “المقاومة”، والى ان يشعل الانقلاب القضائي الكيان المصطنع، فإن قياداته لا تزال أسيرة لعنة العقد الثامن بالزوال، وبعوامل ومسببات داخلية، لأن الدول العربية خرجت من المنافسة.
واذا كانت لدى اسرائيل ازمة اللامعقولية في القضاء والمحاكم والجيش والسلطة السياسية، فإن اللامعقولية اللبنانية تزيد عليها ازمة الفراغ حكما وحاكما ولم يلغ نواب الحاكم الاربعة التهديد بالاستقالة في بحر الاسبوع تزامنا ووصول موفد الخماسية الدولية العربية جان ايف لودريان الى بيروت وهذا يعني ان الناظر الفرنسي في الرئاسة اللبنانية سيجول تحت سقف شروط الخماسية، وقوامها: لديكم مجلس نواب.. إذهبوا وانتخبوا رئيسا، سواء بالتقاطع او التدافع.. ومن سيعطل ستناله العقوبات المندرجة تحت بند “الاجراءات”، وهذا ما اختصره مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا عندما حسم الحوار قبل اجراء الانتخابات وتكشف الخماسية ومسؤولوها في هذا التوجه عن رفض الاستدراج اللبناني الى حوار عقيم لا ينتج سوى خلافات جديدة. وقبيل وصول لودريان ارتفعت الشروط اللبنانية وعلت اصوات رفض تدخل الخارج لاسيما عبر نواب ومسؤولي الثنائي الشيعي فيما ألمح نواب المعارضة الى انهم سيضعون بأنفسهم شروطهم على الموفد الفرنسي وفي كلا الجبهتين: رفض لتسيير شؤون الانتخاب من الداخل، وشروط على مساعي الحل من الخارج.