استنجدت غزة بالعالم, فتعمق جرحها ودخلت مستشفياتها الى غرف العناية المركزة غير الموضوعة قيد الخدمة. تاسع نهار على طوفان الآلة الحربية فوق القطاع وبحره، فيما تجمدت العملية البرية على الورق العسكري بعد ان اوقفها الله وحجب عن العدو اجتياحه الارضي قاطعا عنه الطريق من السماء. حال المناخ توقفت عندها القيادة الحربية في اسرائيل, لكن المناخ السياسي في الداخل كان اكثر عصفا لاسيما وان التقديرات الامنية ترجح معركة برية غير محسوبة النتائج وإن حرستها اميركا بغابة من السلاح مثلث الاضلع برا وبحرا وجوا. ومع توسع بحر الدم في غزة فإن اسرائيل لا تزال حتى هذه اللحظة تحاذر فتح جبهة الجنوب اللبناني وذلك بشهادة وزير حربها يوآف غالانت الذي قال الا مصلحة لدينا في شن حرب على جبهتنا الشمالية مع لبنان وتوجه الى حزب الله بالقول: “إن لجمتم أنفسكم فنحن سنفعل ذلك أيضا، وهذه الحرب قاتلة وستغير واقع المنطقة للأبد. وواقع المنطقة يقول ايضا إن اسرائيل التي تطلق تحذيرات وانذارات أدخلت العالم الغربي والعربي وسيطا حتى تسحب المقاومة يدها عن الزناد ولليوم فإن حركة القتال الناشب عند الحدود ليست جبهات حرب : قصفوا فقصفنا واذا كانت المقاومة تستهدف تحصينات ودشما ومواقع واجهزة مراقبة اسرائيلية فإن الرد يرد بقتل الإعلام وقصف البلدات وأحيائها وابرزها اليوم في استهداف مناطق مأهولة في عيتا الشعب وإلقاء قنابل بعضها فوسفوري ، كما طال القصف بلدات راميا ومروحين ورميش وادعى جيش الاحتلال انه بدأ بقصف البنى التحتية لحزب الله ولم يعرف ما اذا كان يقصد الخيمتين المرعبتين عند الحدود. ورياح الجنوب لا يبدو انها لغاية الان تتأثر بالمناخ العاصف في غزة، لان مقاومة الداخل لا تزال موجعة لاسرائيل، وصواريخها تنبع من تحت الارض لتبقي العدو ينبض على صفارة إنذار . وآخر هذه الصفارات ما دوى في مطار بن غوريون مع اعلان من الناطق باسم سرايا القدس ابو حمزة متوجها الى الاسرائيليين : لقد اعددنا لكم رجالا يحبون القتال فاهلا بكم في رحاب الجحيم. والجحيم كان دبلوماسيا ايضا عندما عاد وزير خارجية اميركا انطوني بلبينكن خائر القوى السياسية بعد جولة لم يقنع بها السعودية ولم تتجاوب مع تركيا ومصلر والاردن والامارات, وأبلغه مسؤولو الدول العربية بان الحديث هو بعد رفع الحصار. وانتهى المطاف مع بلينكن أن عاد الى اسرائيل على ظهر قرار قضى بتعيين ديفيد ساترفيلد عميدا للشؤون الانسانية الاميركية في المنطقةوقال اننا نضع الية مع الامم المتحدة ومصر واسرائيل لايصال المساعدات الى من يحتاجونها واعلن انه سيعاد فتح معبر رفح بين مصر وغزة, واوضح ان الشركاء في المنطقة اكدوا اهمية العمل المشترك لمنع التصعيد الجاري .وهي مواقف غيرت وجهة الوزير الاميركي الذي سبق ودخل تل ابيب قبل يومين شاهرا يهوديته متطوعا كالمقاتل الشرس الى جانب الصهوينية واذ به يتلقى بين عواصم عربية انذارات بوقف الهمجية الاسرائيلية في غزة وبدء مد جسور الاغاثة. وهذه التبدلات في المسار الاميركي تأتي ايضا بعد تصاعد التظاهرات المناهضة للعنف الاسرائيلي وقتل المدنيين في القطاع وابادة الفرق الطبية مع عائلاتهم واذا كان مواطنون اميركيون وبريطانيون قد تحركوا فلرفضهم ايضا تمويل الغزوات الاسرائيلية باموال المكلف الاميركي والبريطاني.