حلقت غزة فوق الثلاثة آلاف شهيد وعشرة آلاف جريح أصبحوا يخضعون للمفاضلة بسبب الجراح الخطرة التي تعانيها مستشفيات غزة. نار وحصار ودمار وقطع شرايين الامدادات الانسانية، لكن كل هذا الحبل الدموي يتسلقه الرئيس جو بايدن لاستخدامه في حلبة الصراع نحو الانتخابات الاميركية ولن يجد سيد البيت الابيض ورقة رابحة اكثر من اللون الاحمر في غزة والتي تؤهله لمنافسة خصومه الجمهوريين مع بدء أولى المناظرات في الثامن من الشهر المقبل.
والرئيس الديمقراطي كتب عندما اعلن عزمه الترشح لولاية ثانية ان كل جيل لديه لحظة يتعين عليه فيها الدفاع عن الديموقراطية ..عن حرياته الأساسية. لكن بايدن وعندما حان زمن تنفيذ الشعارات انتزع عنه الديمقراطية والحريات الاساسية ولم تر عيناه سوى دعم الصهيونية التي توفر له حاصل الصوت اليهودي في الانتخابات.
ومن سمع بسياسية الميكالين على مر التاريخ ولم يرها فإنها اليوم ظاهرة بكل جنوحها وبميزانها المائل ووقوفها رافعة الى جانب اسرائيل عبر استقدام الاساطيل البحرية والجوية ودعم اميركا اللامحدود لعدوان اسرائيل على الفلسطينيين لدرجة بلغت بوزير خارجية اعظم دولة في العالم ان يحضر اجتماع التحضير للحرب على طاولة الكابينت الاسرائيلي وانطوني بلينكن الذي انتقد قبل عام من اليوم قطع روسيا الماء والكهرباء عن المدنيين في اوكرانيا.
ووصف ذلك بالعمل الهمجي هو نفسه يطبق همجية تتخطى كل الاعراف الانسانية فيحلل في غزة ويحرم في كييف. واذا ما ارادت اي قوة عدل في العالم غدا ان تحقق في جريمة الحرب هذه ستضطر الى سوق كل من بايدن وبلينكن كشهود على ليالي النار وقتل الاطفال وكضالعين في هذه الحرب عبر تزويد اسرائيل بغلاف جوي وجسر بري وسفن بحرية .. حرب اميركية بادوات اسرائيلية تحرسها “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” قبل الظهر وترعاها “يو إس إس جيرالد آر فورد” بعد الظهر.
وبغلاف عسكري ذي السلاح الثقيل سيجتمع كل من بايدن وبلينكن مع العرب والخليج في كل من عمان والقاهرة ومهمة الاسطول السياسي الاميركي ليست وقف الحرب في غزة , بل تهديد الزعماء العرب وايران من خطورة فتح جبهة جنوب لبنان وحثهم على عدم دعم حماس والفلسطنيين والتلويح لمصر بورقة الترانسفير الى سيناء وابلاغهم بكل ضمير حي بان اسرائيل ستسحق غزة بحسب تعبير وزير خارجية اميركا.
ولتمتين هذه القرارات فإن الرئيس الاميركي سيشارك غدا في اجتماع الحكومة الامنية الاسرائيلية المصغرة ويشرف بنفسه على قراراتها. وتؤازر فرنسا موقف اميركا لا بل تسابقها الى توجيه التهديدات من مغبة فتح الجبهات وتحديدا من جنوب لبنان. وهذه الجبهة لا تزال تحتفظ بقدرتها على الرد المتوازن والموزون .. على الرغم من اعلان المقاومة سقوط خمسة شهداء لها اليوم، وقد توسع القصف الاسرائيلي ليحول قرى الحدود الى مناطق خطرة ومستهدفة، فيما اعلن حزب الله انه استهدف مواقع اسرائيلية بالأسلحة المباشرة. ولا يبدو ان ساحة القتال ستتمدد على الرغم من الاستفزازات الاسرائيلية، وتصف مصادر معنية ما يحدث ” بالحروب الصغيرة ضمن الحرب الكبيرة”.