ضربة “دوفيف” بدلت من قواعد الاشتباك، لكنها لن تكون شرارة حرب شاملة. ففي الرواية من زاويتها الجنوبية، أن حزب الله “توفق بمجموعة” في المواقع الاسرائيلية الأمامية التي هجرها مستوطنوها الى الخلف وهذه المجموعة هي قوة لوجسيتية تابعة للجيش الإسرائيلي خرجت بسيارات لإجراء تصلحيات وصيانة للأعمدة ضربت من المقاومين بشكل مباشر.. ولما وصلت قوة المساندة تم ضربها مرة جديدة وتلك عدت انتكاسة لجيش قهر وأكثر, فبدأت القيادة العسكرية في الشمال إرسال إشارات بأن الرد سيكون قاسيا وتحدث إعلام العدو عن ضربة شديدة لحزب الله ردا على تصعيده في هجمات اليوم وتزامن ذلك وإعلان كتائب القسام مسؤوليتها عن قصف شمال حيفا ونهاريا انطلاقا من لبنان. وتجري إسرائيل تقييمها العسكري حاليا وتتأرجح بين عواقب توسع الرد أو الضربة المحدودة لكن مداولاتها في الرد لن تخرج على الأرجح من دائرة كيلومترات سبعة لأن الحرب الشاملة دونها ضوابط ومكابح أميركية لا تزال فاعلة عند الجبهة الشمالية وما يعيق توسع الرد الاسرائيلي الى مستوى الحرب على كل لبنان أن حزب الله كما توثق جبهته لم يستخدم حتى اليوم سوى واحد بالمئة من قدرته العسكرية التي لا تزال تلعب بين صواريخ: بركان وطوفان وتبعا لهذا السياج أمام اسرائيل، فإن العدو يبحث عن مخرج للرد يعيد له اعتباره في الجليل ولا يدخله في التهلكة الشاملة لاسيما وأن كيانه السياسي والعسكري انطلق في جولة تفاوض على الأسرى ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن مصدر مطلع على محادثات التبادل مع حماس أنه يمكن التوصل لاتفاق خلال أيام فيما أبلغت القاهرة تل ابيب أنه ستم الافراج عن عدد من الأسرى قريبا. أما رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو فقد أشار لقناة إن بي سي الأميركية إلى احتمال التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الأسرى وقال إن الأمور تتقدم بفضل ما اعتبره ضغوطا عسكرية وتدور حلقة التفاوض هذه فوق حبل الموت الدائم في غزة فالجثث هناك لا تجد مقابر ترحمها وتضمد موتها ولعل أفظع تصريح حيال هذا المشهد ما أوردته وزيرة الصحة من أن الكلاب الضالة تنهش جثث الشهداء الغزاويين المتواجدين على حافة الطرقات. وباقتراب الشهداء من الإثني عشر ألفا فإن إسرائيل تقتل وتحاصر المستشفيات وتضرب بالميت وتستبيح كل الاعراف الانسانية ولم تردعها بيانات عربية حبست بين الورق. وقد رد نتيناهو بكل صلافة على القمة العربية الاسلامية بالامس وطلب من زعماء الدول العربية والاسلامية إما إدانة حماس او التزام الصمت اذا كانوا يريدون الحفاظ على مناصبهم. لم يحترم نتنياهو سبعا وخمسين دولة رفضت العدوان وادانته وقد تكون طمأنيته وقعت بعد غياب البنود الحمر عن بيان العرب وعدم استتباع قراراتهم بآليات تنفيذية تفرض على اسرائيل وقف اطلاق النار الفوري فمقررات القمة العربية الاسلامية كما لو انها دخلت ايضا في قواعد الاشتباك وحاذرت الذهاب بعيدا في سحب اوراق الضغط على اسرائيل وابقت بيانها تحت السيطرة. نجحت سبع وخمسون دولة في امتحان الخطابة ونالت شهادات تقدير في انصاف الفلسطينيين لكن ذلك ظل خارج الآليات. انتهت القمة وغادر الزعماء واستمر قتل الفلسطنيين، وهذه ايرلندا وحدها يرتفع فيها الصوت لطرد السفير الاسرائيلي من دبلن لان كيانه تورط في حرب ضد الانسانية. اجراء من هذا لم يتخذ عربيا، وذهب المطالبات الى حل الدولتين، وهو الحل الاطول في تاريخ الصراع الذي لم يجد له آلية تطبيق.